سَاكِنًا فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ غَيْرُهُ سَاكِنًا فِيهَا أَوْ لَا لِقِيَامِ دَلِيلِ السُّكْنَى التَّقْدِيرِيِّ وَهُوَ الْمِلْكُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ لَكِنْ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ غَيْرَهُ لَوْ كَانَ سَاكِنًا فِيهَا لَا يَحْنَثُ لِانْقِطَاعِ النِّسْبَةِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَضَعُ قَدَمَهُ فِي دَارِ فُلَانٍ حَنِثَ بِدُخُولِهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا حَافِيًا أَوْ مُنْتَعِلًا فَإِنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ هَاهُنَا مَهْجُورٌ إذْ لَوْ اضْطَجَعَ وَوَضَعَ قَدَمَيْهِ فِي الدَّارِ بِحَيْثُ يَكُونُ بَاقِي جَسَدِهِ خَارِجَ الدَّارِ لَا يُقَالُ فِي الْعُرْفِ إنَّهُ وَضَعَ الْقَدَمَ فِي الدَّارِ فَإِذَا هَجَرَ الْحَقِيقَةَ أُرِيدَ مَعْنًى مَجَازِيٌّ وَهُوَ الدُّخُولُ مُطْلَقًا بِقَرِينَةِ الْعُرْفِ
(وَشُرِطَ لِلْبِرِّ فِي لَا تَخْرُجْ إلَّا بِإِذْنِي لِكُلِّ خُرُوجٍ إذْنٌ) لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ وَمَعْنَاهُ لَا تَخْرُجْ خُرُوجًا إلَّا بِإِذْنِي وَالنَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تُفِيدُ الْعُمُومَ فَإِذَا خَرَجَ مِنْهَا بَعْضٌ بَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْعُمُومِ (لَا فِي) قَوْلِهِ لَا تَخْرُجْ (إلَّا أَنْ آذَنَ لَك) فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ لِكُلِّ خُرُوجٍ إذْنًا إذْ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْخُرُوجِ فَحُمِلَ عَلَى الْغَايَةِ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْغَايَةَ قَصْرٌ لِامْتِدَادِ الْمُغَيَّا وَبَيَانٌ لِانْتِهَائِهِ كَمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ قَصْرٌ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَبَيَانٌ لِانْتِهَاءِ حُكْمِهِ وَفِي هَذَا الْمَقَامِ مَبَاحِثُ شَرِيفَةٌ أَوْرَدْنَاهَا فِي شَرْحِ الْمِرْقَاةِ فَمَنْ أَرَادَهَا فَلْيَطْلُبْ ثَمَّةَ
. (وَ) شُرِطَ (لِلْحِنْثِ فِي إنْ خَرَجْت مَثَلًا لِمُرِيدِ الْخُرُوجِ فِعْلُهُ فَوْرًا) يَعْنِي لَوْ أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ الْخُرُوجَ مَثَلًا فَقَالَ الزَّوْجُ إنْ خَرَجْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَجَلَسَتْ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ لَمْ يَحْنَثْ وَهَذِهِ تُسَمَّى يَمِينُ الْفَوْرِ تَفَرَّدَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِإِظْهَارِهَا وَوَجْهُهُ أَنَّ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ الزَّجْرُ عَنْ ذَلِكَ الْخُرُوجِ عُرْفًا وَمَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ
. (وَ) شُرِطَ لِلْحِنْثِ (فِي إنْ تَغَدَّيْتُ بَعْدَ) قَوْلِ الطَّالِبِ (تَعَالَى تَغَدَّ مَعِي) قَوْلُهُ (تَغَدِّيهِ مَعَهُ) قَائِمٌ مَقَامَ مَفْعُولِ شُرِطَ الْمُقَدَّرِ يَعْنِي إذَا قَالَ زَيْدٌ لِبَكْرٍ اجْلِسْ فَتَغَدَّ مَعِي فَقَالَ بَكْرٌ إنْ تَغَدَّيْتُ فَعَبْدِي كَذَا فَرَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ فَتَغَدَّى لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ كَلَامَهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ فَيَنْطَبِقُ عَلَى السُّؤَالِ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْغَدَاءِ الْمَدْعُوِّ إلَيْهِ (وَإِنْ ضَمَّ الْيَوْمَ) وَقَالَ إنْ تَغَدَّيْتُ الْيَوْمَ (كَفَى) فِي الْحِنْثِ (مُطْلَقُ التَّغَدِّي) لِأَنَّهُ زَادَ عَلَى قَدْرِ الْجَوَابِ فَيُجْعَلُ مُبْتَدَأً
(مَرْكَبُ الْمَأْذُونِ لَيْسَ لِمَوْلَاهُ فِي حَقِّ الْيَمِينِ إلَّا إذَا لَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرُهُ سَاكِنًا فِيهَا أَوْ لَا. . . إلَخْ) عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ وَإِنْ دَخَلَ دَارًا مَمْلُوكَةً لِفُلَانٍ وَهُوَ لَا يَسْكُنُهَا حَنِثَ اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ حَلَفَ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ فُلَانٍ فَأَجَّرَ فُلَانٌ دَارِهِ فَدَخَلَهَا الْحَالِفُ قِيلَ يَحْنَثُ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ قَالُوا مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا كَمَا تَبْطُلُ الْإِضَافَةُ بِالْبَيْعِ تَبْطُلُ بِالْإِجَارَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَمِلْكِ الْيَدِ لِلْغَيْرِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ دَخَلَ دَارًا مَمْلُوكَةً لِفُلَانٍ وَسَاكِنُهَا غَيْرُهُ حَنِثَ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ وَلَوْ دَخَلَ دَارًا أَجَّرَهَا فُلَانٌ حَنِثَ أَيْضًا قِيلَ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يَحْنَثُ وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَةُ اهـ.
وَفِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ أَجَّرَ فُلَانٌ دَارِهِ فَدَخَلَهَا الْحَالِفُ هَلْ يَحْنَثُ فِيهِ رِوَايَتَانِ اهـ فَهَذَا مُفِيدٌ أَنَّ الدَّارَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا سَاكِنَهَا وَلَا غَيْرَهُ فَالنِّسْبَةُ بَاقِيَةٌ فَيَحْنَثُ الْحَالِفُ وَأَمَّا إذَا سَكَنَهَا غَيْرُهُ فَقَدْ عَلِمْتَ الِاخْتِلَافَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَحْنَثُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يَحْنَثُ، فَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذُكِرَ قَاصِرٌ عَنْ إفَادَةِ الْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ. . . إلَخْ) عَلِمْتَ أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ ابْنُ الضِّيَاءِ وَأَمَّا الدَّارُ الْمَمْلُوكَةُ لِفُلَانٍ إنْ كَانَ يَسْكُنُهَا غَيْرُهُ وَلَا سُكْنَى لِمَالِكِهَا بِوَجْهٍ فَإِنَّا نَمْنَعُ حِنْثَهُ بِدُخُولِهَا اهـ.
وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارِ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ وَلَهُ دَارٌ يَسْكُنُهَا وَدَارُ غَلَّةٍ فَدَخَلَ دَارَ الْغَلَّةِ لَا يَحْنَثُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا) هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى مَاشِيًا وَدَخَلَهَا رَاكِبًا لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ هَهُنَا مَهْجُورٌ) يُشِيرُ إلَى مَا قَالَ الْكَمَالُ أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ إحْدَى رِجْلَيْهِ فِيهَا لَا يَحْنَثُ عَلَى جَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ وَضْعَ الْقَدَمِ هَهُنَا مَجَازٌ عَنْ الدُّخُولِ وَلَا يَحْنَثُ فِي لَا يَدْخُلُ بِوَضْعِ إحْدَى رِجْلَيْهِ اهـ فَمَا فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ حَلَفَ لَا يَضَعُ قَدَمَهُ دَارَ فُلَانٍ فَوَضَعَ إحْدَى قَدَمَيْهِ فِيهَا حَنِثَ اهـ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ
(قَوْلُهُ وَشُرِطَ لِلْبِرِّ فِي لَا تَخْرُجْ إلَّا بِإِذْنِي لِكُلِّ خُرُوجٍ إذْنٌ) كَذَا بِغَيْرِ إذْنِي أَوْ رِضَائِي أَوْ عِلْمِي أَوْ إلَّا بِقِنَاعٍ أَوْ مِلْحَفَةٍ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِبَقَاءِ النِّكَاحِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْإِذْنَ إنَّمَا يَصِحُّ لِمَنْ لَهُ الْمَنْعُ فَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَخَرَجَتْ بِلَا إذْنٍ لَا تَطْلُقُ وَإِنْ كَانَ زَوَالُ الْمِلْكِ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ عِنْدَنَا لِأَنَّهَا لَمْ تَنْعَقِدْ إلَّا عَلَى مُدَّةِ بَقَاءِ النِّكَاحِ وَلَوْ نَوَى الْإِذْنَ مَرَّةً وَاحِدَةً صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَلَوْ أَذِنَ لَهَا إذْنًا غَيْرَ مَسْمُوعٍ لَمْ يَكُنْ إذْنًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ إذْنٌ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهَا بِالْإِذْنِ فِي غَيْبَتِهَا وَفَهْمِهَا الْخِطَابَ وَطَرِيقُ إسْقَاطِ هَذَا الْحَلِفِ أَنْ يَقُولَ كُلَّمَا أَرَدْت الْخُرُوجَ فَقَدْ أَذِنْت لَك ثُمَّ إذَا نَهَاهَا لَمْ يَعْمَلْ نَهْيُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا إلَّا بِإِذْنِ فُلَانٍ أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي دَارِهِ وَاَللَّهِ لَا تَخْرُجْ إلَّا بِإِذْنِي فَإِنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتَكَرَّرُ عَادَةً كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ
(قَوْلُهُ فَجَلَسَتْ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْفَتْحِ مَا يُشِيرُ إلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ تَغَيُّرِ تِلْكَ الْهَيْئَةِ الْحَاصِلَةِ مَعَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ حَيْثُ قَالَ امْرَأَةٌ تَهَيَّأَتْ لِلْخُرُوجِ فَحَلَفَ لَا تَخْرُجُ فَإِذَا جَلَسَتْ سَاعَةً ثُمَّ خَرَجَتْ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ قَصْدَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ الَّذِي تَهَيَّأَتْ لَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ خَرَجْت السَّاعَةَ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا عَمِلَ بِهِ
(قَوْلُهُ قَائِمٌ مَقَامَ مَفْعُولِ شَرَطَ) صَوَابُهُ فَاعِلُ شَرَطَ (قَوْلُهُ مَرْكَبُ الْمَأْذُونِ لَيْسَ لِمَوْلَاهُ. . . إلَخْ)
قَالَ فِي الْبُرْهَانِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ دُخُولُ