فِي لَا يَخْرُجُ إنْ حَمَلَ وَأَخْرَجَ بِأَمْرِهِ) لِأَنَّ فِعْلَ الْمَأْمُورِ مُضَافًا إلَى الْآمِرِ فَصَارَ كَمَا لَوْ رَكِبَ دَابَّةً فَخَرَجَتْ بِهِ (وَبِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ الْأَمْرِ بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ (لَا) أَيْ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ لِعَدَمِ الْأَمْرِ (وَلَوْ) كَانَ (رَاضِيًا) بِالْخُرُوجِ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ يَكُونُ بِالْأَمْرِ لَا بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ (وَمِثْلُهُ لَا يَدْخُلُ إقْسَامًا وَحُكْمًا) فَالْإِقْسَامُ أَنْ يَخْرُجَ بِأَمْرِهِ وَبِلَا أَمْرِهِ إمَّا مُكْرَهًا أَوْ رَاضِيًا وَالْحُكْمُ الْحِنْثُ فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمُهُ فِي الْأَخِيرَيْنِ
(وَلَا) يَحْنَثُ (فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ إلَّا إلَى جِنَازَةٍ إنْ خَرَجَ إلَيْهَا ثُمَّ أَتَى إلَى أَمْرٍ آخَرَ) لِأَنَّ خُرُوجَهُ لَمْ يَكُنْ إلَّا إلَى جِنَازَةٍ قَالَ فِي الْوِقَايَةِ وَإِنْ خَرَجَ إلَيْهَا ثُمَّ إلَى أَمْرٍ آخَرَ وَكَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي خُرُوجَهُ إلَى غَيْرِ جِنَازَةٍ فَيَبْطُلُ الْحَصْرُ وَيَحْنَثُ وَلِذَا قُلْتُ ثُمَّ أَتَى إلَى أَمْرٍ آخَرَ كَمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فَخَرَجَ إلَيْهَا ثُمَّ أَتَى إلَى حَاجَةٍ أُخْرَى (وَحَنِثَ فِي لَا يَخْرُجُ إلَى مَكَّةَ فَخَرَجَ لَهَا وَرَجَعَ) لِوُجُودِ الْخُرُوجِ عَلَى قَصْدِ مَكَّةَ وَهُوَ الشَّرْطُ (لَا) أَيْ لَا يَحْنَثُ فِي لَا (يَأْتِيهَا حَتَّى يَدْخُلَهَا) لِأَنَّ الْإِتْيَانَ إنَّمَا يَكُونُ بِالدُّخُولِ (وَذَهَابُهُ كَخُرُوجِهِ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَذْهَبُ إلَى مَكَّةَ قِيلَ هُوَ كَالْإِتْيَانِ وَقِيلَ كَالْخُرُوجِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الزَّوَالِ
(وَحَنِثَ فِي لَيَأْتِيَنَّ مَكَّةَ) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَيَأْتِيَنَّ مَكَّةَ فَلَمْ يَأْتِهَا حَتَّى مَاتَ حَنِثَ (فِي آخِرِ جُزْءٍ) مِنْ أَجْزَاءِ (حَيَاتِهِ) لِأَنَّ الْبِرَّ قَبْلَ ذَلِكَ مَرْجُوٌّ وَالْيَأْسَ حِينَئِذٍ يَحْصُلُ.
(وَ) حَنِثَ (فِي لَيَأْتِيَنَّهُ) هَذَا إنْ اسْتَطَاعَ إنْ لَمْ يَأْتِهِ (غَدًا بِلَا مَانِعٍ) يُعْتَبَرُ مَانِعًا (كَمَرَضٍ أَوْ سُلْطَانٍ وَدَيْنٍ بِنِيَّتِهِ الْحَقِيقَةَ) أَيْ إنْ قَالَ أَرَدْت الِاسْتِطَاعَةَ الْحَقِيقَةَ الْمُقَارِنَةَ لِلْفِعْلِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْكُتُبِ الْكَلَامِيَّةِ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهَا تُطْلَقُ فِي الْعُرْفِ عَلَى سَلَامَةِ الْأَسْبَابِ وَالْآلَاتِ وَالْمَعْنَى الْآخَرُ خِلَافُ الظَّاهِرِ
(حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ يُرَادُ بِهِ نِسْبَةُ السُّكْنَى) بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ وَهِيَ أَنَّ الدَّارَ لَا تُعَادَى وَلَا تُهْجَرُ لِذَاتِهَا بَلْ لِبَعْضِ سَاكِنِيهَا إلَّا أَنَّ السُّكْنَى قَدْ تَكُونُ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ تَكُونُ دَلَالَةً بِأَنْ تَكُونَ الدَّارُ مِلْكًا لَهُ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ السُّكْنَى فِيهَا فَيَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِي دَارٍ تَكُونُ مِلْكًا لِفُلَانٍ فَلَا يَكُونُ هُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا فِي وَالْهِدَايَةِ وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الْقَرْيَةَ كَالدَّارِ فَقَالَ بِالْحِنْثِ بِبَقَاءِ الْأَهْلِ وَالْمَتَاعِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُكْرَهَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَمْلِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْخُرُوجِ بِنَفْسِهِ لَا يُعْتَبَرُ فَيَحْنَثُ بِخُرُوجِهِ بِنَفْسِهِ إذَا تَوَعَّدَ عَلَيْهِ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُعْدِمُ الْفِعْلَ عِنْدَنَا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الطَّعَامَ فَأُكْرِهَ عَلَيْهِ حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَلَوْ أَوْجَرَ فِي حَلْقِهِ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ فِي الشَّرْحِ عَلَى قَوْلِهِ أَيْ وَبِدُونِ الْأَمْرِ لَا يَحْنَثُ وَيَحْذِفَ قَوْلَهُ بِأَنْ يُكْرَهَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ بَعْدَهُ وَلَوْ رَاضِيًا إذْ لَا يُجَامِعُ الْإِكْرَاهُ الرِّضَا (قَوْلُهُ وَلَوْ رَاضِيًا) هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ يَحْنَثُ ثُمَّ إذَا لَمْ يَحْنَثْ هَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِإِخْرَاجِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ قَالَ السَّيِّدُ أَبُو شُجَاعٍ تَنْحَلُّ وَهُوَ أَرْفَقُ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ لَا تَنْحَلُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَقَاضِي خَانْ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَالْإِقْسَامُ أَنْ يَخْرُجَ بِأَمْرِهِ) صَوَابُهُ أَنْ يَدْخُلَ لِكَوْنِهِ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُهُ فِي الْأَخِيرَيْنِ) وَمِنْ حُكْمِهِ عَدَمُ انْحِلَالِ الْيَمِينِ فِي الصَّحِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخُرُوجِ
(قَوْلُهُ فَخَرَجَ لَهَا وَرَجَعَ) هَذَا إذَا تَجَاوَزَ عُمْرَانَ مُقَامِهِ فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْعُمْرَانِ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ دُونَ مُدَّةِ السَّفَرِ بِخِلَافِ الْخُرُوجِ إلَّا إلَى جِنَازَةٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِانْفِصَالِهِ عَنْ دَارِهِ بِخُرُوجِهِ لِغَيْرِ جِنَازَةٍ وَلَا يَحْنَثُ بِخُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلٍ بِهَا إلَى صَحْنِ الدَّارِ ثُمَّ رَجَعَ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَفِي لَا يَأْتِيهَا حَتَّى يَدْخُلَهَا) وَيَحْنَثُ بِالْوُصُولِ قَصَدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِخِلَافِ الْخُرُوجِ وَالذَّهَابِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ عَنْ قَصْدٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ عَنْ جَامِعِ قَاضِي خَانْ وَالْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ (قَوْلُهُ وَذَهَابُهُ كَخُرُوجِهِ) قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِلَفْظِ الرَّوَاحِ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَهُوَ كَثِيرُ الْوُقُوعِ فِي كَلَامِ الْمِصْرِيِّينَ فِي أَيْمَانِهِمْ لَكِنْ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ لُغَةُ الْعَرَبِ أَنَّ الرَّوَاحَ الذَّهَابُ سَوَاءٌ كَانَ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَوْ آخِرَهُ أَوْ فِي اللَّيْلِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ اهـ فَعَلَى هَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَرُوحُ إلَى كَذَا فَهُوَ بِمَعْنَى لَا يَذْهَبُ وَهُوَ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ يَحْنَثُ بِالْخُرُوجِ عَنْ قَصْدٍ وَصَلَ أَوْ لَا اهـ.
وَالدَّلِيلُ خَاصٌّ بِالذَّهَابِ لَيْلًا وَالْمُدَّعَى أَعَمُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ (قَوْلُهُ قِيلَ هُوَ كَالْإِتْيَانِ) قَوْلُ نُصَيْرٍ فَلَا يَحْنَثُ حَتَّى يَدْخُلَهَا وَقِيلَ كَالْخُرُوجِ هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ وَاخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِالذَّهَابِ شَيْئًا وَلَوْ نَوَى بِهِ الْخُرُوجَ أَوْ الْإِتْيَانَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ وَحَنِثَ فِي لَيَأْتِيَنَّ مَكَّةَ. . . إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَيَّدَ اُعْتُبِرَ بِهِ فَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ غَدًا كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ فَمَاتَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَفْعَلْ لَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ لِتَعَلُّقِهَا بِآخِرِ الْوَقْتِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَدِينَ نِيَّةُ الْحَقِيقَةِ) لَعَلَّهُ بِنِيَّةِ الْحَقِيقَةِ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْنِ وَالثَّانِيَةُ يُصَدَّقُ قَضَاءً أَيْضًا لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ إذَا كَانَ اسْمُ الِاسْتِطَاعَةِ يُطْلَقُ بِالِاشْتِرَاكِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لَكِنْ تُعُورِفَ اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَنْ الْقَرِينَةِ لِأَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ بِخُصُوصِهِ وَهُوَ سَلَامَةُ آلَاتِ الْفِعْلِ وَصِحَّةُ أَسْبَابِهِ فَصَارَ ظَاهِرًا فِيهِ بِخُصُوصِهِ فَلَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِ الظَّاهِرِ كَذَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِي دَارٍ تَكُونُ مِلْكًا لِفُلَانٍ وَلَا يَكُونُ هُوَ سَاكِنًا فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ