الْهِدَايَةِ وَعِبَارَاتِهِ فَضْلًا عَنْ التَّأَمُّلِ وَالتَّفَكُّرِ فِي اعْتِبَارَاتِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمِ الصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ (كَذَا الْوُقُوفُ عَلَى سَطْحِهَا) فَإِنَّهُ أَيْضًا يُوجِبُ الْحِنْثَ لِأَنَّ السَّطْحَ مِنْ الدَّارِ، أَلَا يَرَى أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ بِالْخُرُوجِ إلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ (وَقِيلَ) فِي عُرْفِنَا (لَا) يَحْنَثُ (كَمَا لَوْ جُعِلَتْ الدَّارُ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ بَيْتًا) حَيْثُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ دَارًا لِاعْتِرَاضِ اسْمٍ آخَرَ عَلَيْهِ (أَوْ دَخَلَهَا بَعْدَ هَدْمِ الْحَمَّامِ وَأَشْبَاهِهِ) لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ لَا يَعُودُ بِهِ (وَهَكَذَا الْبَيْتُ) يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ وَدَخَلَهُ (مُنْهَدِمًا صَحْرَاءَ) لَمْ يَحْنَثْ لِزَوَالِ اسْمِ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ لَا يُبَاتُ فِيهِ حَتَّى لَوْ بَقِيَ الْحِيطَانُ وَسَقَطَ السَّقْفُ يَحْنَثُ إذْ يَبَاتُ فِيهِ وَالسَّقْفُ وَصْفٌ فِيهِ (أَوْ) دَخَلَهُ (بَعْدَمَا بُنِيَ بَيْتًا آخَرَ) لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا لِأَنَّ الِاسْمَ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ الِانْهِدَامِ
(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَوَقَفَ فِي طَاقِ بَابِ دَارٍ لَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ كَانَ خَارِجًا) لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّ الْبَابَ لِإِحْرَازِ الدَّارِ وَمَا فِيهَا فَلَمْ يَكُنْ الْخَارِجُ مِنْ الدَّارِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَسْكُنُهَا) أَيْ هَذِهِ الدَّارَ (وَهُوَ سَاكِنُهَا أَوْ) حَلَفَ (لَا يَلْبَسُهُ) أَيْ هَذَا الثَّوْبَ (وَهُوَ لَابِسُهُ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَرْكَبُهَا) أَيْ هَذِهِ الدَّابَّةَ (وَهُوَ رَاكِبُهَا فَأَخَذَ فِي النُّقْلَةِ) مِنْ الدَّارِ فِي الْأَوَّلِ (وَنَزَعَ) الثَّوْبَ فِي الثَّانِي (وَنَزَلَ) عَنْ الدَّابَّةِ فِي الثَّالِثِ (بِلَا مُكْثٍ) قَيَّدَ لِلثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي شَيْءٍ مِنْ الصُّوَرِ وَقَالَ زُفَرُ يَحْنَثُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَإِنْ قَلَّ، وَلَنَا أَنَّ الْيَمِينَ تُعْقَدُ لِلْبِرِّ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ زَمَانُ تَحْقِيقِهِ فَإِنْ لَبِثَ عَلَى حَالِهِ سَاعَةً حَنِثَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ لَهَا دَوَامٌ بِتَجَدُّدِ أَمْثَالِهَا حَتَّى يَضْرِبَ لَهَا مُدَّةً يُقَالُ رَكِبْت يَوْمًا وَلَبِسْت يَوْمًا بِخِلَافِ الدُّخُولِ إذْ لَا يُقَالُ دَخَلْت يَوْمًا بِمَعْنَى الْمُدَّةِ وَالتَّوْقِيتِ وَإِنْ جَازَ بِمَعْنَى الظَّرْفِ وَلَوْ نَوَى ابْتِدَاءَ اللُّبْسِ مَثَلًا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِاللُّبْثِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُهَا) وَهُوَ فِيهَا (فَقَعَدَ فِيهَا) فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْقُعُودِ (إلَّا بِخُرُوجِهِ ثُمَّ دُخُولِهِ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَحْنَثَ بِالْقُعُودِ لِأَنَّ الدَّوَامَ لَهُ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الدُّخُولَ لَا دَوَامَ لَهُ لِأَنَّهُ انْفِصَالٌ مِنْ الْخَارِجِ إلَى الدَّاخِلِ.
(وَفِي لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ الْبَيْتَ أَوْ الْمَحَلَّةَ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ بِأَهْلِهِ وَجَمِيعِ مَتَاعِهِ) حَتَّى لَوْ بَقِيَ وَتَدٌ حَنِثَ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُعْتَبَرُ نَقْلُ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ نَقْلَ الْكُلِّ قَدْ يَتَعَذَّرُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُعْتَبَرُ نَقْلُ مَا يَقُومُ بِهِ كَتَخْدَائِيَّتِه لِأَنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ السُّكْنَى، قَالُوا هَذَا حَسَنٌ وَأَوْفَقُ بِالنَّاسِ (بِخِلَافِ الْمِصْرِ وَالْقَرْيَةِ) فَإِنَّ الْبِرَّ لَا يَتَوَقَّفُ فِيهِمَا عَلَى نَقْلِ الْمَتَاعِ وَالْأَهْلِ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا فِي الَّذِي انْتَقَلَ عَنْهُ عُرْفًا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ (وَحَنِثَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ أَوْ دَخَلَهَا بَعْدَ هَدْمِ الْحَمَّامِ) كَذَا لَوْ بُنِيَتْ دَارًا بَعْدَ هَدْمِ نَحْوِ الْحَمَّامِ فَدَخَلَهَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ أَيْضًا لِأَنَّهُ غَيْرُ تِلْكَ الدَّارِ الَّتِي مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ
(قَوْلُهُ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ. . . إلَخْ) لَوْ كَانَ الْحَلِفُ عَلَى الْخُرُوجِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ وَإِذَا زَلَقَ وَهُوَ يَشْتَدُّ فِي الْمَشْيِ فَعَثَرَ أَوْ زَلِقَ فَوَقَعَ فِي الدَّارِ أَوْ دَفَعَتْهُ الرِّيحُ وَأَوْقَعَتْهُ فِي الدَّارِ وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ الِامْتِنَاعَ لَا يَحْنَثُ فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَأَخَذَ فِي النُّقْلَةِ مِنْ الدَّارِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ شَيْئًا فَشَيْئًا بِحَيْثُ لَا تَفْتُرُ النَّقَلَاتُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَنْقُلُ مَتَاعَهُ فِي يَوْمٍ وَلَا يَلْزَمُهُ النَّقْلُ بِأَسْرَعِ الْوُجُوهِ بَلْ بِقَدْرِ مَا يُسَمَّى نَاقِلًا فِي الْعُرْفِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَبِثَ عَلَى حَالِهِ سَاعَةً حَنِثَ) إذَا أَمْكَنَهُ النَّقْلُ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْدِرْ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرِ اللَّيْلِ وَخَوْفِ اللِّصِّ أَوْ بِمَنْعِ ذِي سُلْطَانٍ أَوْ عَدَمِ مَوْضِعٍ مُنْتَقَلٍ إلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَتْحَهُ أَوْ كَانَ شَرِيفًا أَوْ ضَعِيفًا لَا يَقْدِرُ عَلَى حَمْلِ الْمَتَاعِ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَنْقُلُهَا لَا يَحْنَثُ وَيَلْحَقُ ذَلِكَ الْوَقْتُ بِالْعَدَمِ لِلْعُذْرِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ إنْ لَمْ أَخْرُجْ مِنْ هَذَا الْمَنْزِلِ الْيَوْمَ فَكَذَا فَقَيَّدَ أَوْ مَنَعَ أَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَحْضُرِي اللَّيْلَةَ فَمَنَعَهَا أَبُوهَا حَيْثُ يَحْنَثُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَدَمًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاخْتِيَارِ وَإِنْ فِعْلًا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالسُّكْنَى لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الِاخْتِيَارِيُّ وَيَنْعَدِمُ بِعَدَمِهِ فَيَصِيرُ مَسْكَنًا لَا سَاكِنًا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُ الْحِنْثِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَقَعَدَ) بِمَعْنَى مَكَثَ وَنَظِيرُهُ لَا يَخْرُجُ وَلَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَطَهَّرُ فَاسْتَدَامَ النِّكَاحُ وَالطَّهَارَةُ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ بِأَهْلِهِ) قَالَ الْكَمَالُ فَإِذَا خَرَجَ هُوَ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ وَأَهْلَهُ فِيهَا وَلَمْ يُرِدْ الرُّجُوعَ حَنِثَ وَكَذَا الْحَلِفُ لَا يَسْكُنُ فِي هَذِهِ الْمَحَلَّةَ أَوْ السِّكَّةَ لَوْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ عَازِمًا عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ أَبَدًا حَنِثَ وَإِنْ خَرَجَ عَلَى عَزْمِ أَنْ يُرْسِلَ مَنْ يَنْقُلُهُمْ لِأَنَّهُ يُعَدُّ الْمُتَأَهِّلُ سَاكِنًا بِمَحَلِّ سُكْنَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ عُرْفًا وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ مُسْتَقِلًّا بِسُكْنَاهُ قَائِمًا عَلَى عِيَالِهِ فَإِنْ كَانَ سُكْنَاهُ تَبَعًا كَابْنٍ كَبِيرٍ سَاكِنٍ مَعَ أَبِيهِ أَوْ امْرَأَةٍ مَعَ زَوْجِهَا فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَهِيَ زَوْجَهَا وَمَالَهَا لَا يَحْنَثُ وَقَيَّدَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ أَيْضًا بِأَنْ يَكُونَ حَلِفُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَوْ عَقَدَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ إذَا خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِسُكْنَاهُ اهـ (قَوْلُهُ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَرَجَّحَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَأَخَذَ بِهِ لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَشَايِخُ مَا لَا يَتَأَتَّى بِهِ السُّكْنَى كَقِطْعَةِ حَصِيرٍ وَوَتَدٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُعْتَبَرُ نَقْلُ الْأَكْثَرِ) وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَالْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَالْكَافِي الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُعْتَبَرُ. . . إلَخْ) هُوَ أَصَحُّ مَا يُفْتَى بِهِ مِنْ التَّصْحِيحَيْنِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمِصْرِ وَالْقَرْيَةِ) جَعَلَ الْقَرْيَةَ بِمَنْزِلَةِ الْمِصْرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْجَوَابِ