فَأَسْلَمَتْ، ثُمَّ قَذَفَهَا قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ (وَإِنْ صَلُحَ لَهَا) أَيْ الزَّوْجُ لِلشَّهَادَةِ (وَهِيَ لَا تَصْلُحُ) لَهَا بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً، أَوْ كَافِرَةً، أَوْ مَحْدُودَةً فِي قَذْفٍ، أَوْ صَبِيَّةً، أَوْ مَجْنُونَةً (أَوْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا) بِأَنْ كَانَتْ زَانِيَةً (فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) كَمَا إذَا قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ (وَلَا لِعَانَ) لِأَنَّهُ خَلَفٌ عَنْهُ.
(وَصُورَتُهُ) أَيْ صُورَةُ اللِّعَانِ (مَا نَطَقَ بِهِ النَّصُّ) يَعْنِي الْقُرْآنَ وَحَاصِلُهُ أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ أَوَّلًا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي صَادِقٌ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا، وَفِي الْخَامِسَةِ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ كَاذِبًا فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا مُشِيرًا إلَيْهَا فِي كُلِّهِ، ثُمَّ تَقُولَ هِيَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ كَاذِبٌ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا، وَفِي الْخَامِسَةِ غَضَبُ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا فَإِنَّهُنَّ يَسْتَعْمِلْنَ اللَّعْنَ فِي كَلَامِهِنَّ كَثِيرًا كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ: إنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَسَقَطَتْ حُرْمَةُ اللَّعْنِ فِي أَعْيُنِهِنَّ فَعَسَاهُنَّ يَخْتَرْنَ اللَّعْنَ بِخِلَافِ الْغَضَبِ (فَإِنْ الْتَعَنَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا) وَلَا تَبِينُ قَبْلَهُ حَتَّى لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَهُ وَرِثَهُ الْآخَرُ وَلَوْ زَالَتْ أَهْلِيَّةُ اللِّعَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِأَنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ، أَوْ قَذَفَ إنْسَانًا فَحُدَّ لَهُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا (وَنُفِيَ نَسَبُ الْوَلَدِ إنْ قَذَفَهَا بِهِ وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ) وَبَانَتْ بِطَلْقَةٍ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ حَالَ جَرَيَانِ اللِّعَانِ بَيْنَهُمَا حَتَّى لَوْ عَلِقَتْ أَمَةٌ، أَوْ كَافِرَةٌ، ثُمَّ أُعْتِقَتْ، أَوْ أَسْلَمَتْ لَا يَنْفِي وَلَا يُلَاعِنُ لِأَنَّ نَسَبَهُ كَانَ ثَابِتًا عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ قَطْعُهُ فَلَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهُ (فَإِنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ حُدَّ) لِإِقْرَارِهِ بِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ (فَلَهُ) أَيْ بَعْدَمَا حُدَّ جَازَ لَهُ (أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) وَمَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» أَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ مَا دَامَا مُتَلَاعِنَيْنِ كَمَا يُقَالُ: الْمُصَلِّي لَا يَتَكَلَّمُ أَيْ مَا دَامَ مُصَلِّيًا (كَذَا إنْ قَذَفَ غَيْرَهَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّلَاعُنِ (فَحُدَّتْ، أَوْ زَنَتْ) فَإِنَّهُ إذًا بِحَدِّ الْقَذْفِ لَمْ يَبْقَ أَهْلًا لِلِّعَانِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ بَعْدَ الزِّنَا لَمْ تَبْقَ أَهْلًا لَهُ فَجَازَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ، أَوْ زَنَتْ فَحُدَّتْ كَمَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ مُجَرَّدَ زِنَاهَا يُسْقِطُ إحْصَانَهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ الْحَدِّ بِخِلَافِ الْقَذْفِ؛ إذْ لَا يَسْقُطُ بِهِ الْإِحْصَانُ حَتَّى تُحَدَّ رُوِيَ عَنْ الْفَقِيهِ الْمَكِّيِّ أَنَّهُ كَانَ: يَقُولُ زَنَّتْ بِتَشْدِيدِ النُّونِ أَيْ نَسَبَتْ غَيْرَهَا إلَى الزِّنَا وَهُوَ الْقَذْفُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذِكْرُ الْحَدِّ فِيهِ شَرْطًا كَمَا ذُكِرَ وَلَا يَبْقَى الْإِشْكَالُ.
(لَا لِعَانَ بِقَذْفِ الْأَخْرَسِ) لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ حَدِّ الْقَذْفِ وَقَذْفُهُ لَا يُعَرَّى عَنْ شُبْهَةٍ وَالْحُدُودُ تَنْدَرِئُ بِهَا.
(وَ) لَا (بِنَفْيِ الْحَمْلِ) لِأَنَّ قِيَامَهُ عِنْدَ الْحَمْلِ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ انْتِفَاخًا (وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلِّ الْمُدَّةِ) وَقَالَا: يَجِبُ بِنَفْيِهِ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلِّهَا (وَتَلَاعَنَا بِزَنَيْتِ وَهَذَا الْحَمْلُ مِنْهُ) لِوُجُودِ الْقَذْفِ مِنْهُ صَرِيحًا بِقَوْلِهِ زَنَيْتِ (وَلَا يَنْفِي الْقَاضِي الْحَمْلَ) أَيْ نَسَبُ الْحَمْلِ مِنْ الْقَاذِفِ؛ لِأَنَّ تَلَاعُنَهُمَا كَانَ بِسَبَبِ قَوْلِهِ زَنَيْتِ لَا بِنَفْيِ الْحَمْلِ (نَفْيُ الْوَلَدِ عِنْدَ التَّهْنِئَةِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُفِيدُ هَذَا بِمَا إذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّهْنِئَةِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ نَفْيَهُ فِي مُدَّةِ التَّهْنِئَةِ صَحِيحٌ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا إذَا قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ) يَعْنِي بِهِ الزَّانِيَةَ وَنَحْوَهَا كَالْأَمَةِ دُونَ الْمَحْدُودَةِ فِي قَذْفٍ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ عَفِيفَةً وَقَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ حُدَّ.
(قَوْلُهُ: وَحَاصِلُهُ. . . إلَخْ) يُتَأَمَّلُ فِي عُدُولِهِ عَنْ مَعْنَى مَا نَطَقَ بِهِ النَّصُّ مِنْ حَذْفِ بَعْضِ الْمُؤَكِّدَاتِ إلَى مَا تَرَى فَلَيْسَ صَوَابًا، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا: فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَالْخِطَابُ هُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ نَظَرَ إلَى أَنَّهُ أَقْطَعُ لِلِاحْتِمَالِ، وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ ضَمِيرَ الْغَائِبِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْإِشَارَةُ يَنْقَطِعُ الِاحْتِمَالُ أَيْضًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ
[صُورَةُ اللِّعَانِ]
(قَوْلُهُ: فَإِنْ الْتَعَنَا فَرَّقَ الْقَاضِي) يَعْنِي وُجُوبًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَإِنْ فَرَّقَ بَعْدَ وُجُودِ أَكْثَرِ اللِّعَانِ صَحَّ وَلَوْ لَمْ يُفَرِّقْ حَتَّى مَاتَ، أَوْ عُزِلَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِيَ يُعِيدُهُ كَمَا لَوْ شَهِدَا عِنْدَهُ كَذَلِكَ كَذَا فِي النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تَبِينُ قَبْلَهُ) لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) يَعْنِي الْخَرَسَ وَالْوَطْءَ الْحَرَامَ لَا مَا إذَا جُنَّ أَحَدُهُمَا. (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ حَالَ جَرَيَانِ اللِّعَانِ) لَوْ قَالَ فِي حَالٍ يَجْرِي بَيْنَهُمَا فِيهِ اللِّعَانُ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ) أَيْ إذَا أَكْذَبَهَا بَعْدَ التَّلَاعُنِ، وَإِنْ كَذَّبَ قَبْلَهُ يُنْظَرُ فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَ الْإِكْذَابِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَبَانَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي النَّهْرِ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِكْذَابُ بِاعْتِرَافِهِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ دَلَالَةٍ بِأَنْ مَاتَ الْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ عَنْ مَالٍ فَادَّعَى نَسَبَهُ اهـ. ثُمَّ قَوْلُهُ: فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَيْسَ تَكْرَارًا بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: حُبِسَ حَتَّى يُلَاعِنَ، أَوْ يُكْذِبَ نَفْسَهُ فَيُحَدَّ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا قَبْلَ اللِّعَانِ وَهَذَا فِيمَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ أَيْ بَعْدَمَا حُدَّ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا) الْحَدُّ لَيْسَ قَيْدًا لِحِلِّ تَزَوُّجِهِ بِهَا قَالَ فِي النَّهْرِ: وَكَذَا إذَا لَمْ يُحَدَّ أَوْ صَدَّقَتْهُ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا يَكُونُ ذِكْرُ الْحَدِّ فِيهِ شَرْطًا) هُوَ الصَّوَابُ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَفْظَةُ الْقَذْفِ بَعْدَ الْحَدِّ وَهُوَ سَهْوٌ.
(قَوْلُهُ: لَا لِعَانَ بِقَذْفِ الْأَخْرَسِ) كَذَا لَا حَدَّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفِي الْحَمْلَ لِأَنَّ قِيَامَهُ عِنْدَ الْحَمْلِ غَيْرُ مَعْلُومٍ) الضَّمِيرُ فِي قِيَامِهِ لِلْحَمْلِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّ قِيَامَ الْحَمْلِ عِنْدَ الْحَمْلِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّ قِيَامَ الْحَمْلِ عِنْدَ الْقَذْفِ. . . إلَخْ كَمَا فَعَلَ الزَّيْلَعِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: نَفْيُ الْوَلَدِ عِنْدَ التَّهْنِئَةِ) فِيهِ إشْعَارٌ بِكَوْنِ الْوَلَدِ حَيًّا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا فَمَتَى بَلَغَهُ الْخَبَرُ يَكُونُ