وَآلَاتِ الْمُحْتَرِفِينَ
(وَالْوَاصِل مِنْ مَالِ الضِّمَارِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ نَامٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا وَالضِّمَارُ مَالٌ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ كَآبِقٍ وَمَفْقُودٍ وَمَغْصُوبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَمَالٍ سَاقِطٍ فِي الْبَحْرِ وَمَدْفُونٍ فِي مَغَارَةٍ نُسِيَ مَكَانُهُ وَمَالٍ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ مُصَادَرَةً الْوَدِيعَةٍ نَسِيَ الْمُودِعُ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ مَعَارِفِهِ وَدَيْنٍ مَجْحُودٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ صَارَتْ لَهُ بَعْدَ سِنِينَ بِأَنْ أَقَرَّ عِنْدَ النَّاسِ، فَإِنَّهُ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ بَعْدَ سِنِينَ لَا تَجِبُ زَكَاتُهُ (لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ) لِانْتِفَاءِ النَّمَاءِ وَلَوْ تَقْدِيرًا (بِخِلَافِ مَا عَلَى مُقِرٍّ وَلَوْ) كَانَ (مُعْسِرًا) إذْ يُمْكِنُهُ الْوَصْلُ إلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ بِوَاسِطَةِ التَّحْصِيلِ (أَوْ مُفْلِسًا) أَيْ مَحْكُومًا بِإِفْلَاسِهِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، فَإِنَّ التَّفْلِيسَ إذَا وُجِدَ تَحَقَّقَ الْإِفْلَاسُ عِنْدَهُ (أَوْ) عَلَى (جَاحِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ عَلِمَهُ قَاضٍ) ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَمْوَالَ إذَا وَصَلَتْ إلَى مَالِكِهَا تَجِبُ زَكَاةُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ
(وَلَا) تَجِبُ أَيْضًا (فِي دُورٍ لَا لِلسُّكْنَى) تَفْرِيعٌ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ نَامٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا (وَنَحْوِهَا) كَثِيَابٍ لَا تُلْبَسُ وَأَثَاثٍ لَا يُسْتَعْمَلُ وَدَوَابَّ لَا تُرْكَبُ وَعَبِيدٍ لَا تُسْتَخْدَمُ وَكُتُبِ الْعِلْمِ لِغَيْرِ أَهْلِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَلَمْ يَنْوِ التِّجَارَةَ) لِانْتِفَاءِ النَّمَاءِ التَّقْدِيرِيِّ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَى هَذَا كُتُبِ الْعِلْمِ لِأَهْلِهَا وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الْأَهْلُ هَاهُنَا غَيْرُ مُفِيدٍ لِمَا أَنَّهُ إنْ لَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQنُسْخَةً مِنْ النَّحْوِ أَوْ نُسْخَتَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ لَا يُعْتَبَرُ مِنْ النِّصَابِ وَكَذَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَالْكَلَامُ غَيْرُ مَخْلُوطٍ بِالْآرَاءِ بَلْ هُوَ مَقْصُورٌ عَلَى تَحْقِيقِ الْحَقِّ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُ الْمَخْلُوطِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ اهـ.
وَالْمُصْحَفُ الْوَاحِدُ لَا يُعْتَبَرُ نِصَابًا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ عَنْ الْخُجَنْدِيِّ إنَّهُ إنْ بَلَغَ قِيمَتُهُ نِصَابًا لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِدُ مُصْحَفًا يَقْرَأُ فِيهِ اهـ.
وَذَكَرْت هَذَا هُنَا، وَإِنْ سَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ بَعْضَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ (قَوْلُهُ: وَآلَاتِ الْمُحْتَرِفِينَ) الْمُرَادُ بِهَا مَا لَا يُسْتَهْلَكُ عَيْنُهُ فِي الِانْتِفَاعِ كَالْقَدُومِ وَالْمِبْرَدِ أَوْ مَا يُسْتَهْلَكُ وَلَا تَبْقَى عَيْنُهُ كَصَابُونٍ وَحُرْضٍ لِغَسَّالٍ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَيُسَاوِي نِصَابًا؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ بِمُقَابَلَةِ الْعَمَلِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَى مَا تَبْقَى عَيْنُهُ كَعُصْفُرٍ وَزَعْفَرَانٍ لِصَبَّاغٍ وَدُهْنٍ وَعَفْصٍ لِدَبَّاغٍ، فَإِنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِيهِ بِمُقَابَلَةِ الْعَيْنِ وَقَوَارِيرِ الْعَطَّارِينَ وَلُجُمِ الْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ وَمَقَاوِدِهَا وَجِلَالِهَا إنْ كَانَ مِنْ غَرَضِ الْمُشْتَرِي بَيْعُهَا بِهَا فَفِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَتْ لِحِفْظِ الدَّوَابِّ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَالْقُدُورِ وَغَيْرِهَا مِنْ آلَةِ الصَّبَّاغِينَ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالْمِعْرَاجِ وَالْجَوَالِقُ الْمُشْتَرَاةُ لِلْإِجَارَةِ لَا زَكَاةَ فِيهَا كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ
(قَوْلُهُ: وَالضِّمَارُ مَالٌ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ إلَى آخِرِهِ) قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْهُ مَا اُشْتُرِيَ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ يُقْبَضْ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ إذَا قَبَضَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَمَغْصُوبٍ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) أَقُولُ إلَّا فِي السَّائِمَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِهَا زَكَاةٌ، وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمَدْفُونٍ فِي مَفَازَةٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ دَفَنَهُ فِي حِرْزٍ وَلَوْ دَارَ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ كَذَا أَطْلَقَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ لَوْ كَانَتْ دَارًا عَظِيمَةً فَالْمَدْفُونُ فِيهَا يَكُونُ ضِمَارًا فَلَا يَنْعَقِدُ نِصَابًا اهـ.
وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْمَدْفُونِ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ كَرْمٍ فَقِيلَ بِالْوُجُوبِ لِإِمْكَانِ الْوُصُولِ وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ حِرْزٍ كَذَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَمَالٍ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ مُصَادَرَةً) قَالَ فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ صَادَرَهُ عَلَى مَالِهِ أَيْ فَارَقَهُ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ صَارَ لَهُ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلدَّيْنِ الْمَجْحُودِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ) رَاجِعٌ لِمَالِ الضِّمَارِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ وَدَيْنٍ مَجْحُودٍ) نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ إنَّمَا لَا يَكُونُ الْمَجْحُودُ نِصَابًا إذَا حَلَّفَهُ الْقَاضِي وَحَلَفَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَالٍ عَلَى مُقِرٍّ. . . إلَخْ) كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ فَيَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الدَّيْنَ زَكَاةً لِمَا مَضَى وَهُوَ غَيْرُ جَارٍ عَلَى إطْلَاقِهِ أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ بَلْ ذَلِكَ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِ الدَّيْنِ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَسَّمَ الدَّيْنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قَوِيٌّ وَهُوَ بَدَلُ الْقَرْضِ وَمَالِ التِّجَارَةِ، وَمُتَوَسِّطٌ وَهُوَ بَدَلُ مَا لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ كَثَمَنِ ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَعَبْدِ الْخِدْمَةِ وَدَارِ السُّكْنَى، وَضَعِيفٌ وَهُوَ بَدَلُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ كَالْمَهْرِ وَالْوَصِيَّةِ بِمَالٍ وَبَدَلُ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ وَالسِّعَايَةِ فَفِي الْقَوِيِّ تَجِبُ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ وَيَتَرَاخَى الْأَدَاءُ إلَى أَنْ يَقْبِضَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَفِيهَا دِرْهَمٌ وَكَذَا فِيمَا زَادَ بِحِسَابِهِ وَفِي الْمُتَوَسِّطِ لَا يَجِبُ مَا لَمْ يَقْبِضْ نِصَابًا وَيُعْتَبَرُ لِمَا مَضَى مِنْ الْحَوْلِ فِي صَحِيحِ الرِّوَايَةِ وَفِي الضَّعِيفِ لَا يَجِبُ مَا لَمْ يَقْبِضْ نِصَابًا وَيَحُولُ الْحَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَيْهِ وَتَمَامُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَنَقَلَ مِثْلَهُ فِي الْبُرْهَانِ وَقَالَ وَاجِبًا أَيْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الزَّكَاةُ عَنْ الْمَقْبُوضِ مِنْ الدُّيُونِ الثَّلَاثَةِ بِحِسَابِهِ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ مُفْلِسًا) أَيْ مَحْكُومًا بِإِفْلَاسِهِ أَفَادَ أَنَّهُ مِنْ التَّفْلِيسِ وَقَالَ الْكَاكِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُفْلِسُ الْإِفْلَاسِ وَالْمَعْنَى وَالْحُكْمُ يَخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ اللَّفْظِ أَمَّا الْمَعْنَى فَيُقَالُ أَفْلَسَ الرَّجُلُ صَارَ مُفْلِسًا أَيْ صَارَتْ دَرَاهِمُهُ فُلُوسًا كَمَا يُقَالُ أَخْبَثَ الرَّجُلُ إذَا صَارَتْ أَصْحَابُهُ خُبَثَاءَ، وَأَمَّا فَلَّسَهُ الْقَاضِي تَفْلِيسًا أَيْ نَادَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَفْلَسَ كَذَا فِي الصِّحَاحِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى جَاحِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ) هَذَا عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ.
وَفِي الْأَصْلِ لَمْ يَجْعَلْ الدَّيْنَ نِصَابًا وَلَمْ يُفَصِّلْ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الصَّحِيحُ جَوَابُ الْكِتَابِ أَيْ الْأَصْلِ إذْ لَيْسَ كُلُّ قَاضٍ بِعَدْلٍ وَلَا كُلُّ بَيِّنَةٍ لِعَدْلٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ التَّصْحِيحَ عَنْ التُّحْفَةِ وَالْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَهُ قَاضٍ) الْمُفْتَى