كان مقرّبا من الحكّام أيضا، إذ بعثه «المقتدي بالله رسولا إلى سمرقند وبخارى لأخذ البيعة له على ملكها» (?). وفي (درج الدرر) عبارة توحي بميل مؤلّفه إلى خلفاء عصره، ففي أثناء تفسيره الآية 150 من سورة الأعراف قال: «وفي الآية دلالة أنّ صبر الخليفة على جنايات قومه والتّغافل عنها جائز لابتغاء المصلحة كمنابذته ومضاجرته إيّاهم، ولذلك يصبر خلفاء نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم من آل عبّاس على قبائح هذه الأمّة وافتراق أهوائها» (?). ولا بدّ هنا من العودة إلى عبد القاهر الجرجانيّ مرّة أخرى، إذ ليس في مصادر ترجمته ما يشير إلى قربه من حكام عصره، بل إنّ تلك المصادر تنقل عنه بيتين من الشّعر يظهر فيهما تبرّمه بزمانه الذي لم يعد فيه حظّ للعلماء والعقلاء، وإنّما صار زمان السّفهاء والجهّال، بحسب رأيه، يقول (?):

كبّر على العقل (?) … لا ترمه

ومل إلى الجهل ميل هائم

وعش حمارا تعش سعيدا … فالسّعد في طالع البهائم

وواضح أنّ مثل هذه السّخرية المرّة قد لا تصدر إلا عمّن رأى أنّ أولي الأمر يقرّبون الجهلة، وينبذون العلماء.

وابن ماكولا «تتبّع الألفاظ المشتبهة في الأسماء والأعلام، وجمع منها شيئا كثيرا» (?)، وهو «النّسّابة صاحب التّصانيف» (?)، وكتابه (الإكمال) «في غاية الإفادة في رفع الالتباس، والضّبط والتّقييد، وعليه اعتماد المحدّثين وأرباب هذا الشّأن، فإنّه لم يوضع مثله، ولقد أحسن فيه غاية الإحسان» (?). «ولا يحتاج هذا الأمير بعده إلى فضيلة أخرى، ففيه دلالة على كثرة اطّلاعه وضبطه وتحريره وإتقانه» (?). ومؤلّف (درج الدّرر) كان مشغوفا بالرّوايات التاريخيّة، واستقصاء الأسماء إلى حدّ ذكر أسماء أبناء إبراهيم ويعقوب عليهما السّلام وحتى توأمتي قابيل وهابيل (?).

ورغم أنّ مصادر ترجمة ابن ماكولا ذكرت أنّه «كان نحويّا مجوّدا وشاعرا مبرّزا» (?)، لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015