أقف في هذه المصادر على تآليف له في النّحو. والأهمّ من ذلك كلّه أنّ مصادر ترجمة ابن ماكولا التي وقفت عليها لم تذكر له تفسيرا.
وإلى أن يظهر دليل قطعيّ، ينفي أو يثبت، يظلّ (درج الدّرر في تفسير القرآن العظيم) منسوبا إلى عبد القاهر الجرجانيّ.
يمكن أن نرسم صورة مجملة تجلّي لنا أهمّ السّمات التي ميّزت منهج (درج الدّرر في تفسير القرآن العظيم) على النّحو الآتي:
1 - يبدأ المؤلف بذكر ألفاظ الآية التي يتوخّى تفسيرها، على وفق ترتيبها في المصحف، ثم يذكر في كثير من الأحيان أسباب نزول الآية، وأقوال المفسّرين فيها، ومعاني الألفاظ واشتقاقها وبنيتها الصّرفيّة، ويذكر بعض وجوه الإعراب، وربّما استدلّ بالآية لبعض الأحكام الفقهيّة.
2 - كانت له عناية بالقراءات القرآنيّة في مواضع مختلفة من الكتاب، فقد استشهد بها متواترة أو شادّة، وسأذكر أمثلة على ذلك عند الحديث عن القراءات في مبحث (موقفه من الشّواهد) في الفصل الثاني. وقد ابتعد عن الخوض في القراءات التي أثارت جدلا كثيرا بين النّحويّين، كقراءة حمزة: {(وَاِتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)} (?)، وقراءة ابن عامر: (وكذلك زيّن لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم) (?)، وقراءة: (معائش) التي رويت عن نافع (?).
3 - عني كثيرا بذكر معاني الألفاظ التي يعرض لتفسيرها، فحكى معنى (الرّبّ) في قوله تعالى: {رَبِّ الْعالَمِينَ} [الفاتحة:2] فقال: «الرّبّ: السيّد والمولى، قال يوسف عليه السّلام:
{اُذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف:42]، وقال: {اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ} [يوسف:50]. وربما يراد به المالك، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (أربّ إبل أنت أم ربّ غنم، فقال: من كلّ آتاني الله فأكثر وأطيب)» (?).
وفرّق بين معاني ألفاظ المحاجّة والحجّة والحجّ في أثناء كلامه على قوله تعالى:
{لِيُحَاجُّوكُمْ} [البقرة:76] فقال: «والمحاجّة هي المخاصمة بالحجّة، والحجّة: معنى تثبت به الدّعوى، وتقام مقام البيّنة، والحجّ هو الغلبة بالحجّة» (?).