بغروره أو أموالهم وأهلوهم بفتنتها، ويحتمل تخليف رسول الله إياهم عن مجلسه وحضرته ومهاجرته إياهم بخمسين صباحًا، {بِمَا رَحُبَتْ} أي: برحبها وسعتها، {وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ} أي: صدورهم وقلوبهم، وضيق النفس أن تمتلىء بالحزن والهم حتى تختنق فلا تسع شيئًا، {وَظَنُّوا} أيقنوا، وإنما استثنى الملجأ إليه للتنبيه على رحمته ورأفته بعد ابتلائه ومحنته، وفي الآية دلالة أن توبة الله عليه توبة العبد.

عن كعب بن مالك، قال: لم أتخلف عن رسول الله في (?) غزوة غزاها حتى كانت غزوة تبوك إلا بدرًا، ولم يعاتب النبي -عليه السلام- أحدًا تخلف عن بدر إنما خرج يريد العير فالتقوا عن غير موعد كما قال الله تعالى، ولعمري إن أشرف مشاهد رسول الله في الناس لبدر وما أحب أني كنت شهدتها مكان بيعتي ليلة العقبة حيث تواثقنا على الإسلام، ثم لم أتخلف عن النبي -عليه السلام- (?) بعد في غزاة غزاها حتى كانت غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها رسول الله -عليه السلام- (2)، وأذَّن النبي -عليه السلام- (2) الناس بالرحيل وأراد أن يتأهبوا أهبة غزوهم وذلك حين طاب الظلال وطابت الثمار، وكان قلَّ ما أراد غزوة إلا ورّى بغيرها وكان يقول: "الحرب خدعة" (?). فأراد النبي -عليه السلام- (2) غزوة تبوك أن يتأهب أهبتهم وأنا أيسر ما كنت قد جمعت راحلتين وأنا أقدر شيء في نفسي على الجهاد وخفة الحاذ، وأنا في ذلك أصعر إلى الظلال وطيب الثمار، فلم أزل كذلك حتى قام النبي -عليه السلام- غاديًا بالغداة وذلك يوم الخميس فأصبح غاديًا، قلت: أنطلق إلى السوق وأشتري جهازي ثم ألحق بهم، فانطلقت إلى السوق بالغد فعسر عليَّ بعض شأني، فرجعت فقلت: أرجع غدًا إن شاء الله فألحق بهم، فَعسر عليَّ بعض شأني أيضًا، فلم أزل كذلك حتى التبس فيَّ الذنب تخلفت عن رسول الله (?)، فجعلت أمشي في الأسواق وأطوف بالمدينة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015