فيحزنني أن لا أرى رجلًا مغموصًا عليه في النفاق، وكان ليس تخلف أن ذلك سيخفى وكان الناس كثيرًا لا يجمعهم ديوان وكان جميع من تخلف عن النبي -عليه السلام- (?) بضعة وثمانين رجلًا، ولم يذكرني -عليه السلام- حتى بلغ تبوك قال: "ما فعل كعب بن مالك؟ " فقال رجل من قومي: خلفه يا نبي الله برداه والنظر في عطفيه، فقال معاذ: بئس ما قال، والله يا نبي الله لا نعلم إلا خيرًا، قال: فبينا هم كذلك إذا هم برجل يزول به السّراب فقال النبي -عليه السلام- (?): "كن أبا خيثمة"، فإذا هو أبو خيثمة.
فلما قضى النبي -عليه السلام- (2) في غزوة تبوك وقفل ودنا من المدينة جعلت أتذكر بماذا أخرج من سخطة النبي -عليه السلام- (2) وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي، حتى إذا أقبل (?) النبي -عليه السلام- (2) مصبحكم بالغداة زاح عني الباطل وعرفت أن لا أنجو إلا بالصدق، ودخل النبي -عليه السلام- ضحى وصلَّى في المسجد ركعتين، وكان إذا جاء من سفر فعل ذلك؛ دخل المسجد فصلَّى ركعتين ثم جلس، فجعل يأتيه من تخلف فيحلفون له ويعتذرون إليه فيستغفر لهم ويقبل علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله تعالى.
فدخلت المسجد فإذا رسول الله (?) جالس، فلما رآني تبسَّم (?) تبسُّم المغضب فجلست بين يديه فقال: "ألم تكن ابتعت ظهرك؟ "، قلت: بلى يا رسول الله، قال: "فما خلفك؟ "، قلت: والله لو بين يدي أحد من الناس غيرك جلست لخرجت من سخطه عليَّ بغير عذر، لقد أوتيت جدلًا ولكن قد علمت يا نبي الله أني إن أخبرك اليوم بقول تجد عليَّ فيه وهو حق فإني أرجو فيه عقبى الله، وإن حدثتك اليوم حديثًا ترضى عني فيه وهو كذب أوشك الله أن يطلعك عليَّ، والله يا نبي الله ما كنت قط أيسر ولا أخف حاذًا مني حين