وأوهمها أنها تلد بهيمة أو تلد من فيها أو منخريها أو تلد ولدًا لا يعيش، فذكرت ذلك لآدم فأشفقا من ذلك ودعوا الله سبحانه وتعالى، وزعم إبليس أنه عبد صالح مجاب الدعوة ومنّاهما أنهما إن سميا الولد باسمه ووهباه منه دعا الله لهما، فشرطا ذلك فولدت حواء غلامًا صالحًا فسمَّياه عبد الحارث كما يقول الصديق للصديق: ولدي هذا عبدك على وجه الإكرام، ولم يعلما مراد إبليس من ذلك ولا عرفاه، فأعظم الله تعالى شأن تلك التسمية وأعظم الإنكار عليها بمكان نبوة آدم -عليه السلام- ورفعة رتبته ولعلمه سبحانه وتعالى بإبليس وبما يريد من تأسيس قاعدة الشرك والإفك وليس يبعد هذه الزلة والأكل من الشجرة في حالةٍ واحدة بغرور واحدٍ لما يروى أن قابيل ولد في الجنة ويدل عليه ضمير الجمع في قوله {اهْبِطُوا} [البقرة: 36] والولادة متصور في الجنة كما يتصور خلق حواء فيها من ضلع آدم، وقيل: قوله {صَالِحًا} يرجع إلى الجنس.
{جَعَلَا} يرجع إلى التوأمين فإن حواء كانت تلد في كل بطن توأمين ذكرًا وأنثى فهما اللذان جعلا له شركاء لآدم. {عَمَّا يُشْرِكُونَ} وقيل: الإشراك فعل الذرية وإنما أسند إلى الأبوين مجازًا، وقيل: النفس الواحدة غير آدم من الآباء فإنهم آحاد إلى نوح -عليه السلام- (?) والروح غير حواء من الأمهات لقوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم: 21].
وقيل: الخطاب متوجه إلى العرب من أولاد عدنان خاصة وأن المراد بالنفس واحد من آبائهم.
{تَغَشَّاهَا} غشيها {حَمْلًا خَفِيفًا} أي النطفة {فَمَرَّتْ بِهِ} أي قامت وقعدت من غير مشقة {أَثْقَلَتْ} صارت ثقيلة بالحمل {صَالِحًا} بشرًا سويًا أو بشرًا يولد من موضع الولادة أو ولدًا يعيش {شُرَكَاءَ} مصدر يراد به الاسم (?)