{لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ} يدل على تعليق الحكم بالجنس فإنه لا تفيد في هذا الموضع إباحة ولا رخصة ولا شبه والشهوة داعية النفس وأراد لما فيها من اللذة {مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} أي من دون أن تأتوا النساء، أراد صرف الشهوة عن وجهها والاقتصار عليها {بَلْ أَنْتُمْ} استفهام (?) إنكم ما صرفتم شهوتكم إلى الرجال دون النساء على سبيل الإلجاء والاضطرار بل أنتم محرفون فيه باختياركم وقدرتكم وقيل: جواب كلامهم نحن نريد بذلك حفظ الأموال وحفظ العيال فقال: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} في هذه الفعلة وفي سائر الخصال.
{أَخْرِجُوهُمْ} لوطًا وابنته زعورا وربثا وقيل: زبّة وعروبة، وقيل: لوط وابنته والملائكة المرسلين، وقيل: كانوا ثلاثة عشر نفسًا مع لوط وابنته والرابع عشر امرأته ولذلك قالوا لإبراهيم لا تهلك قرية فيها أربعة عشر مؤمنًا يتطهرون يتجنبون عن القاذورات، وكان ذلك عيبًا عندهم كالختان عند الهنود (?) والاستنجاء عند المشركين والاتزار في الحمام عند أصحاب داود الأصفهاني.
{فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ} وروي أن الملائكة لما نزلوا جاء على هيئة الضيفان فمضت امرأته إلى قومها تخبرهم بحاجتها إلى الطعام فتسارعوا إليه، وفزع لوط -عليه السلام- فبشره جبريل بأنهم مرسلون لإهلاكهم، فقال مستعجلًا: وما يمنعكم إذا قالوا {أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} [هود: 81] وأخرج جبريل -عليه السلام- ريشة من جناحيه فاختطف أبصارهم فرجعوا عميًا يقولون: جاءنا لوط بسحره، ولما حسن عليهم الليل مشى لوط -عليه السلام- إلى رجل منهم كان يذب عنه ويحسن جواره فنذره بالهلاك ودعاه ليخرج معه فلم يلتفت إلى قوله وأصرّ