{فَمَا وَهَنُوا} أي: بعقولهم وآرائهم، {لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} من الشدائد والمصائب، {وَمَا ضَعُفُوا} بقلوبهم، {وَمَا اسْتَكَانُوا} ما خضعوا وما تضرعوا ولكن صبروا، {قَوْلَهُمْ} نصب لأنه خبر (ما). و (الذنوب): هي الآثام، و (الإسراف): مجاوزة الحد والتمادي والانهماك، والسرف: ضد القصد.
وقوله: {فَآتَاهُمُ اللَّهُ} الآية تحريض للمؤمنين أن يقتدوا بأولئك الماضين لينالوا ما نالوا، وإنما قال (?): {وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ} للتأكيد وإزالة الإيهام؛ فإن من المثوبة ما ليس فيه. قال: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً} [المائدة: 60]، {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} يدل أنهم كانوا بهذه الخصال محسنين.
لما حذر الله المؤمنين الانقلاب على أعقابهم إن مات رسوله -عليه السلام- أو قتل، ذكر السبب الداعي إلى ذلك ليحذروه وهو طاعة الكفار.
{بَلِ اللَّهُ} (بل) للإضراب عن الأول والإقبال على الثاني، أي: بل الله هو أهل لأن يطاع لا الذين كفروا.
{سَنُلْقِي} قيل: لما انصرف أبو سفيان عن أحد، قال: أين الموعد؟ فأمر النبي -عليه السلام- أن يقول: بدر الصغرى فرجع على ذلك، فلما كان وقت ذلك ألقى الله في قلوب الكفار الرعب فلم يحضروا (?) وأرسلوا نعيم بن مسعود الثقفي يخوف المسلمين لئلا يخرجوا (?) وفي ذلك أنزل الله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عِمرَان: 173]، و {الرُّعْبَ} الخوف، {بِمَا أَشْرَكُوا} الباء للمسبب، {بِاللَّهِ} الباء بمعنى مع {بِهِ} أي بعبادته وإشراكه، والسلطان الحجة والبرهان، قال الله: {لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ} [الرَّحمن: 33]، وقال: {لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ} [الكهف: 15] وكل معبود دون الله لم ينزل الله به سلطانًا قط، و (المثوى) موضع اللبث والثوي.