إن صخرًا الجني لم يقدر على امرأة من نسائه ولا على شيء من ماله وخدمه وحشمه وإنما كان جالسًا على ذلك الكرسي، فلما لم يدخل على النساء أنكرن ذلك منه وعلمن أنه ليس سليمان على الكرسى، وكانوا يهابونه أن يعترضوا حتى دخل سليمان -عليه السلام- (?) قومه من القرى، وفي تلك القرية بيت ملك فجعل سليمان يقول: أيها الناس أطعموني شيئًا من الطعام فأيكم أطعمني وأسبغ جوعي فله علي أن أعطيه كذا وكذا إن ردّ الله عليّ ملكي، فإني أنا سليمان بن داود نزع الله مني مُلكي وجعله لعدو من أعدائي بسبب خطيئة أتيتها، وأنا أرجو ربي أن يرد عليّ ملكي.
قال: فأشرفت عليه تلك الجارية فقالت: يا هذا (?) إنا رأينا الكاذبين فما رأينا أكذب على الله منك، أتزعم أنك سليمان مع هذه الخلقة الوحشة وسليمان في منزله على كرسيه؟! اُخرج من قريتنا وإلا أمرت بدوس بطنك يا كذا وكذا، فقال سليمان: إلهي وسيدي إنك قد ابتليت الأنبياء من قبل غير أنك لم تحبس عنهم رزقك ولم تلق لهم البغضاء في قلوب الناس، إلهي وسيدي أسألك وأرجوك ولا أرجو سواك فاعفُ عني واغفر لي فإني لا أعود لشيء كرهته مني.
فلم يزل كذلك أربعين يومًا، ثم إنه وجد قرصًا يابسًا فلم يقدر على كسره، فأتى ساحل البحر ليبل ذلك القرص ثم يأكله، فجاءت موجة فحملت ذلك القرص ومرت به فقال: إلهي وسيدي رزقتني قرصًا من طعام على رأس أربعين يومًا فانتزعه البحر مني (?)، إلهي وسيدي أنت المتكفل بأرزاق العباد، أنا عبدك المذنب فلا تحبس عني رزقك (?) فإنك أنت الرزاق الكريم.
وجعل يمشي على ساحل البحر وهو يبكي، فإذا هو بقوم صيّادين فسألهم أن يطعموه سمكة فقالوا: انصرف عنا فما رأينا أقبح منك وجهًا،