فأذن لي أن أخطب بني إسرائيل خطبة قبل موتي، فأذن له سليمان -عليه السلام- (?) فقال: يا نبي الله أحب أن أخطب وأنت حاضر، فحضر سليمان -عليه السلام- (1)، فلما صعد آصف المنبر حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله وصلّى على أنبيائه ورسله عليهم السلام يذكر نبيًا بعد نبي من آدم -عليه السلام- وأمسك عن ذكر سليمان، ثم نزل عن المنبر فعاتبه سليمان على فعله، فقال آصف: يا نبي الله لم يتهيأ إلى أن أذكرك قد تزوجت بامرأة لم يؤذن لك في تزوجها وإنها تعبد الصورة في دارك من دون الله تعالى، فهذا الذي منعني أن أذكرك بالجميل.
قال: ففزع سليمان من ذلك واغتمّ غمًّا شديدًا حتى ظهر ذلك عليه، فطلقها وأخرجها من بيته وأمر بالصورتين فكسرتا، واغتمّت الجارية لذلك غمًّا شديدًا فماتت من شدة الغم، واغتمّ سليمان عليها فأوحى الله إليه: يا ابن داود تغتم وتظهر الغم على امرأة لم آذن لك في تزوجها وقد عبدت الصورة في دارك من دوني، فاستعد الآن للفتنة والبلاء فلأبلونك ببلية أنسيك فيها بلية أبيك داود.
ثم إن الله تعالى قيّض له شيطانًا بصورة جارية لسليمان -عليه السلام- (1) تسمى الأمينة، وكان سليمان -عليه السلام- (1) إذا أراد الخلوة مع نسائه رفع الخاتم إلى هذه الجارية، فدفع يومئذ إلى الشيطان على ظن أنه الأمينة واسم ذلك الشيطان صخر، فلما صار الخاتم في يده لم يستقر في يده فرمي في البحر وجاء حوت وابتلع الخاتم، ومضى صخر الجني وقد ألقى عليه شبه سليمان فجلس على كرسي سليمان، وخرج سليمان وقد تصوّر للأمينة بصورة صخر الجني فقالت: أعوذ بالله منك إني قد دفعت الخاتم إلى سليمان، إنه مفتون، فلم يدرِ ما يفعل، كلما قال: أنا سليمان بن داود استهزأ الناس به وسخروا منه وطردوه وشتموه.
وجعل آصف يقول: أقسم بالله لقد بلي سليمان بأمر عظيم وذلك أنَّ ثرى الطيب قد نفرت فلسنا نسمع لها حسًا. قالوا: قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: