فقال سليمان: وما عليكم من قبحي إنما سألتكم سمكة أسدّ بها جوعي، قالوا: وحق نبي الله سليمان لئن لم ترجع قمنا إليك وضربناك، فلما رآهم يحلفون باسمه قال: أما إنكم لو علمتم مَن أنا لأطعتموني، قالوا: مَن أنت؟ قال: أنا سليمان، فجعلوا يضحكون ويتغامزون به.
ثم أقبل عليه بعض القوم فضربه بعصا كانت في يده وقال: مثلك يزعم أنه سليمان النبي، فبكى سليمان وبكت الملائكة في السموات قالوا: إلهنا وسيدنا عبدك ونبيك أذنب ذنبًا وأنت الغفور الرحيم، فقال الله تبارك وتعالى: ملائكتي (?) هذه بلية الرحمة وليست ببلية العذاب وسأردّ عليه ملكه وأظهره على عدوه وأنا الذي لا أخلف الميعاد، ثم إن الله ألقى في قلوب الصيادين رحمة عليه فقالوا: يا هذا لقد قرحت قلوبنا ببكائك وإنك لفي موضع رحمة خذ هذه السمكة وهذه السكين فشقها بها واغسلها وائت بها إلى هذه النار فاشوِها. فأخذ سليمان تلك السمكة فلما شقّ بطنها وجد خاتمه فتختم به سريعًا وسمع الأصوات من كل جانب: لبيك يا ابن داود.
ومضى يريد قصره فجعل يمر بتلك القرى التي كانوا يطردونه منها إذا نظروا إليه تعادوا إليه وخرُّوا له سجَّدًا، وبلغ ذلك صخرًا الجني فهرب، وأقبل سليمان -عليه السلام- (?) حتى دخل إلى قصره واجتمعت عليه الإنس والجن والوحش والسباع والطير والهوام، ووفقه الله تعالى ليزداد لربه عبادة وذكرًا وخشوعًا، ثم بعث العفاريت في طلب صخر الجني فطلبوه حتى قدروا عليه، فأمر سليمان بأن ينقر له بين صخرتين وصفده بالحديد وألقاه بين الصخرتين، وأمر الشياطين بأن سدُّوا عليه الصخرتين بالحديد ثم أمر أن يلقى في بحيرة الطبرية (?).