فلما رأى القوم ما نزل بهم عرفوا أن هذا أمر ليس لهم به قوة، قال: فنادوا يا موسى ارحمنا وكف عنا، وجعلوا يتضرعون ويطلبون إليه وهو لا يزداد إلا غضبًا وتوبيخًا لهم، ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى أوساطهم، ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى آباطهم، فمدوا أيديهم على وجه الأرض رجاء أن يمتنعوا بها، ثم قال: يا أرض خذيهم، فأخذتهم إلى أعناقهم فلم يبق على وجه الأرض إلا رؤوسهم ولم يبق من الدار إلا شرفها، وكانت الأرض تأخذ من الدار كل مرة مثل ما تأخذه منهم، وهم يتضرعون في ذلك إلى موسى -عليه السلام- ويسألونه.
ثم قال: يا أرض خذيهم، فاستوت الأرض عليهم وعلى الدار.
فانطلق موسى وهو فرح بذلك فأوحى الله إليه: أن يا موسى تضرع (?) عبادي إليك ودعوك وسألوك (?) فلم ترحمهم، أما وعزتي وجلالي وكرمي لو أن إياي دعوا واستغاثوا لأخرجتهم منها ولكنهم تركوا أن يجعلوا رغبتهم ومقالهم إلي ومسألتهم مني وجعلوها إليك فتركتهم.
{لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} لتنوء بالعصبة أي لا ينهض إلا بنهوضهم، وقيل: ليميل بهم من ثقلها (?).
وذكر الكلبي (?) أن خزائنه (?) كانت أربعمائة ألف يحملها أربعون رجلًا (?) {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} بما يلهي عن الحق.
{وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} في معنى قوله: "يقول ابن آدم: