وعن الحسن البصري قال: أول من شرف الشرف قارون، وأنه لما بنى داره وفرغ منها وشرفها صنع للناس طعامًا سبعة أيام يجمعهم كل يوم فيطعمهم، ثم أرسل إلى بغيّ من بني إسرائيل لم يكن في بني إسرائيل امرأة أجمل منها فقال لها قارون: لك عندي كل شيء نطقت به وأردته على أن تفعلي ما آمرك، فقالت له: ما هو؟ قال: إذا جلست للناس غدًا وأذنت لك فأتيني فاستعدي على موسى وقولي: إنه أرادني، قالت: نعم.
فلما كان الغد واجتمع الناس في داره حتى ملأوها أبطأت عليه فلم تجبه فأرسل إليها فجيء بها، ثم أرسل إلى موسى، فقال له قارون: ما لهذه المرأة تشكوك؟ قال له موسى: ما أدري ما لها، قال لها قارون: أخبريه، فقالت المرأة: يا موسى إن هذا جعل لي ما نطقت (?) به وما أردته على أن أزعم على رؤوس الناس أنك تراودني عن نفسي، وإني والله ما كنت لأفعل، معاذ الله لقد برأك الله من ذلك، فغضب موسى -عليه السلام- واشتدَّ غضبه، ثم قال: يا عدو الله قد بلغ جرأتك على هذا، وقال له قولًا غليظًا.
فخرج من عنده مغضبًا فدعا الله تعالى فقال: عبدك قارون الذي عبد دونك وجحدك وأنكر ربوبيتك ثم قد أراد أن يرميني به حتى متى تمهله يا رب؟! فأوحى الله إلى موسى أن قد أمرت الأرض أن تطيعك فمرها بما شئت، فجاء موسى وهو فرح فدخل على قارون حين اجتمع الناس في داره وملأوها فقال: يا عدو الله كذبتني وجحدت الله وعبدت من دونه في كلام غليظ حتى غضب قارون وأقبل عليه بكلام شديد وهمّ به، فلما رأى ذلك موسى -عليه السلام- (?) فقال: يا أرض خذيهم، وكان قارون على فرش على سرير مرتفع في السماء، فأخذت الأرض بأقدامهم وغاب سريره ومجلسه في الأرض، وأخذت الأرض بقدميه وقد دخل من الدار في الأرض مثل ما أخذت منهم على قدرها، وأقبل موسى يوبخهم ويغلظ لهم المقالة.