وأما قيصر فذكر الزهريّ أنه بلغه كتاب رسول الله من جهة عظيم حنوي وذلك أن دحية دفعه إليه ليوصله إلى قيصر ففتح الكتاب فإذا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمَّد رسول الله إلى عظيم الروم، سلام على من أَتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله الأجر (?) مرتين، وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين وأهل الكتاب" ارتفعت عنده الأصوات وكثر اللغط وقاموا عن مجلسهم، ثم دعا هرقل عظماءهم (?) وهم بعد ذلك وقال: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد أخو الأبد وأن يثبت لكم ملككم، قال: فحاصوا حيصة الحمر (?) الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت، فقال هرقل: عليّ بهم، فرجعوا إليه فألان لهم القول وألطف لهم وقال: إنما اختبرت شدتكم على دينكم فقد رأيت الذي أحببت فسجدوا له ورضوا عنه، قيل: لما بلغ رسول الله خبره قال: "ضنّ الخبيث بملكه".

أما كسرى فذكر أنه لما بلغه الكتاب أمر أن يُفتح ويُقرأ عليه فإذا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم. من محمَّد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من أَتبع الهدى وآمن بالله واليوم الآخر وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، أدعوك إلى الله، فإنّي أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيًا ويحق القول على الكافرين، فأسلم تسلم، فإن أبيت فعليك إثم المجوس والسلام". فلما قرئ عليه الكتاب ورم أنفه وامتلأ غيظًا فأطرق على سريره مختنقًا يخنقه منتفخة أوداجه يرصد فتنة في جماليقه ساعة طويلة، ثم رفع رأسه وقال: ليس هذا بأول عبد اجترأ على ربه وسيده، وإنما قال هذه المقالة لاستيلائه على اليمن دار مملكة (?) العرب، ولسجود النعمان بن المنذر ملك الحيرة بين يديه، ولاعتقاده أنه ملك الملوك والأقاليم كلها وأنه أخذ مكان الأرض،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015