[3]

إن أنتم تكلمتم بها ملكتم العرب، ودانت لكم بها العجم؟ فقال أبو جهل: إن هذه كلمة مربحة، نعم وأبيك، لنقولنها وعشر أمثالها!! فقال الرسول: قولوا (لا إله إلا الله) !! فاشمأزوا ونفروا منها وغضبوا وقاموا وهم يقولون وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ»

(?) .

فليست الحركة الإسلامية إذن حركة طبقة ضد طبقة، فقد انتمى إليها أناس من شتى الطبقات. وسواء كانت هذه السمة (الطبقية) ناتجة عن تحرك الفقراء ضد الأغنياء، كما يرى بعض الباحثين، أو من الأغنياء لكبت ما تحسّسوا منه رائحة ثورة شاملة سيقوم بها الفقراء ضد مصالحهم ومراكزهم، كما ارتأى باحثون آخرون (?) ، فإن هذه الافتراضات، التي ينقض بعضها بعضا، تعود لكي تنتقض نهائيا بمجرد عرضها على (الواقعة التاريخية) نفسها.. إذا ما أردنا البحث الموضوعي الجاد، وإلا فإن التخمين والاستنتاج والإسقاط المعاصر على التاريخ، دون رؤية وارتكاز على أبعاد الواقعة نفسها يقودنا ولا ريب إلى (إسرائيليات) من نوع جديد، تتدثر بدثار العلم والموضوعية وما هي منهما بشيء!!

[3]

بعد أن تم بناء القاعدة (الصلبة) للدعوة متمثلة بأولئك الرواد الأوائل من المسلمين الذين انتموا للإسلام عبر سنيه الصعبة وغربته، والذين علمتهم التجارب المقدرة على الصمود بوجه الضغوط مهما غلا الثمن، والذين أنضجتهم حشود الآيات القرآنية التي كانت تتنزل (على مكث) حينا بعد حين ... أصدر الله أمره إلى رسوله الكريم أن يتجاوز المرحلة السريّة للدعوة صوب الجهر والإعلان ...

وهذا أمر لا بدّ منه لدعوة عالمية شاملة جاءت لكي تثبت وجودها المنظور في الأرض العربية أولا، وفي العالم المحيط ثانيا.. كل ذلك في فترة لا تعدو ما تبقى للرسول صلى الله عليه وسلم من سني عمره المحدود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015