وتخاصمه وتدفع من يرميه بالحجارة ويضع في طريقه الشوك. وفي الجهة المقابلة مضى الرسول صلى الله عليه وسلم في دعوته لا يصده عائق، وتنزلت آيات القرآن متتالية كالحمم تقرع الرؤوس الوثنية واحدا واحدا.. أبو لهب يدفع زوجته أم جميل بنت حرب لكي تحمل الشوك وتطرحه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يمر فيجابهه القرآن تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ. ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ. سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ. وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ. فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ
(?) ، وأمية بن خلف يقف في درب الرسول حتى إذا مرّ به همزه ولمزه، فيندد به القرآن وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ. الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ. يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ. كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ. وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ. نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ. الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ. إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ. فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (?) .. وأبو جهل بن هشام يجابه الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول له:
«والله يا محمد لتتركن سبّ آلهتنا أو لتسبن إلهك الذي تعبد» فتجيء تعليمات القرآن وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ (?) ، والنضر بن الحارث بن كلدة، يعقب الرسول في مجالسه فيحدثهم عن ملوك فارس وعظمتهم ثم يقول «والله ما محمد بأحسن حديثا مني، وما حديثه إلا أساطير الأولين اكتتبتها كما اكتتبها محمد، فيسخر به القرآن وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (?) ويندد به يْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ
(?) .
والأخنس بن شريق الثقفي، أحد أشراف القوم، وممن يستمع لكلامهم، يتصدى لرسول الله ويرد عليه، فينزل الله فيه وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ. هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ. مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ. عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (?) .. والوليد بن المغيرة يتساءل: أينزل على محمد، وأترك وأنا كبير قريش وسيدها؟ ويترك أبو مسعود عمرو بن عمير الثقفي سيد ثقيف، ونحن عظيما القريتين؟ فيجيبه القرآن وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ. أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ... (?) .