وكان أبو فكيهة المسمى (أفلح) عبدا لصفوان بن أمية، فمر به أبو بكر وقد أخذه أمية بن خلف فربط في رجله حبلا وأمر به فجرّ ثم ألقاه في الرمضاء..
وجعل يغلظ عليه ويخنقه ومعه أخوه أبيّ بن خلف يقول: زده عذابا حتى يأتي محمد فيخلصه بسحره، ولم يزل على تلك الحال حتى ظنوا أنه قد مات، ثم أفاق فاشتراه أبو بكر وأعتقه (?) .
وكانت زنيرة قد عذبت حتى عميت، فقال لها أبو جهل: إن اللات والعزى فعلتا بك ما ترين، فقالت وهي لا تبصره: وما تدري اللات والعزى من يعبدهما ممن لا يعبدهما، ولكن هذا أمر من السماء.. فاشتراها أبو بكر وأعتقها. وكانت النهدية أمة لامرأة من بني عبد الدار وكانت تعذبها وتقول: والله لا أقلعت عنك أو يعتقك بعض من صباتك فابتاعها أبو بكر وأعتقها. وكانت أم عنيس أمة لبني زهرة فكان الأسود بن عبد يغوث يعذبها فابتاعها أبو بكر وأعتقها (?) .
وكانت بنو مخزوم يخرجون بعمار بن ياسر وبأبيه وأمه، إذا حميت الظهيرة، يعذبونهم في رمضاء مكة، فيمر بهم الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول: صبرا آل ياسر، موعدكم الجنة!! وقتلت أمه وهي تأبى إلا الإسلام فكانت أول شهيدة في الإسلام، ويقال إنها أغلظت لأبي جهل في القول فطعنها في بطنها.. وكان عمار يعذب حتى لا يدري ما يقول (?) .. وجيىء بخباب بن الأرت فجعلوا يلصقون ظهره بالأرض على الرضف حتى ذهب ماء متنه، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوما يشكو ما أصابه فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: لقد كان الرجل من قبلكم يمشط بأمشاط الحديد حتى يخلص إلى ما دون عظمه من لحم وعصب، ويشق بالمناشير، فلا يرده ذلك عن دينه وأنتم تعجلون. والله ليمضين هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله وحده، والذئب على غنمه (?) . ويحدثنا خباب نفسه فيقول: لقد رأيتني يوما وقد أوقدوا لي نارا ثم سلقوني فيها، ثم وضع رجل رجله على صدري، فما أتيت الأرض إلا بظهري (ثم كشف خباب عن ظهره فإذا هو قد برص) ، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يتمنين أحدكم الموت) لتمنيته (?) !!.