أندية القرشيين ومعه فتيان بني هاشم والمطلب، و؟؟ راح يقول لهم: «يا معشر قريش، هل تدرون ما هممت به؟ قالوا: لا، فأخبرهم الخبر وقال للفتيان:
اكشفوا عما في أيديكم، فكشفوا فإذا كل رجل منهم يحمل حديدة صارمة. فقال:
والله لو قتلتموه ما بقيت ومنكم أحدا حتى نتفانى نحن وأنتم. فانكسر القوم، وكان أبو جهل أشدهم انكسارا (?) . ولعل هذه الرواية تفسّر لنا لماذا سكت القرشيون في السنين التالية عن وقف خطر انتشار الدعوة بقتل الرسول، واكتفائهم بفتنة ضعاف المسلمين، وأنهم لم يعودوا إلى اعتماد أسلوب الاغتيال إلا بعد أن حزب الأمر، وامتد نشاط الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خارج مكة وبدأ المسلمون هجرتهم صوب يثرب لتأسيس دولتهم هناك.
أدركت قريش ألا جدوى من أية محاولة تبذل لاستمالة أبي طالب ووقف حمايته للرسول صلى الله عليه وسلم، فقررت أن تدع أسلوب المفاوضة والحوار إلى العنف والقوة، وأن تعلن حربها ضد الدعوة الجديدة والمنتمين إليها، وأن تدفع كل قبيلة منها إلى أن تنقضّ على المسلمين من أبنائها فتعمل فيهم تعذيبا وتفتنهم عن دينهم، فنفذت القبائل تعليمات الزعامة الوثنية وصبّت على رؤوس المسلمين عذابها ومطارداتها وأذاها، وأغرت سفهاءها بالرسول صلى الله عليه وسلم فكذبوه وأذوه واتهموه بالسحر والشعر والكهانة والجنون، ومحمد ماض في هجومه على دينهم واعتزال أوثانهم ورفض قيمهم وأعرافهم.
وكانوا يجتمعون قريبا من الكعبة حتى إذا طاف بها الرسول صلى الله عليه وسلم غمزوه ببعض القول فكان يرد عليهم «أتسمعون يا معشر قريش؟ أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح» (?) وعندما كانوا يأخذون بمجامع ردائه ويقولون له أنت الذي تقول كذا وكذا في عيب آلهتنا وديننا، كان يجيبهم بصراحة لا التواء فيها «نعم أنا الذي أقول ذلك» . وسعى أحدهم- مرة- إلى إلحاق الأذى به فلوى ثوبه في عنقه وخنقه خنقا شديدا، فنافح أبو بكر دونه وهو يقول «أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟» (?) . وقال أبو جهل، وقد أغاظه ازدياد أتباع النبي يوما بعد يوم: والله لئن رأيت محمدا يصلي، لأطأن رقبته. فبلغه أنه يصلي فأقبل مسرعا فقال: ألم أنهك