وتأييده وحمايته، كما أن القيام بالدعوة في مكة لا بد أن يكون له أثر خاص لما لهذا البلد من مركز ديني خطير، فجلبها إلى حظيرة الإسلام لا بد وأن يكون له وقع كبير على بقية القبائل.. على أن هذا لا يعني أن رسالة الإسلام كانت في أدوارها الأولى محدودة بقريش، لأن الإسلام كما يتجلى من القرآن اتخذ الدعوة في قريش كخطوة أولى لتحقيق رسالته العالمية. والواقع أن كثيرا من الآيات المكية كانت تنص على أن القرآن ما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (?) الأمر الذي يدل على أن فكرة الدعوة العالمية كانت قائمة منذ هذا الوقت المبكر (?) .
ما لبث الرسول صلى الله عليه وسلم أن جوبه بمعارضة شديدة من قومه، وبإجماع منهم على مقاومته وصدّه، سيما بعد الحملات الشديدة التي راح يشنها على آلهتهم وأصنامهم (?) ووقف عمه أبو طالب ينافح عنده ضد قريش، فرأى زعماؤها أن يبعثوا إليه وفدا من أشرافهم علهم يقنعونه بوقف ابن أخيه عن المضي في دعوته، أو- على الأقل- بالتخلي عن إسناده وحمايته. والتقى رجالات الوفد بأبي طالب وقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سبّ آلهتنا وعاب ديننا وسفّه أحلامنا وضلّل آباءنا، فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلّي بيننا وبينه. فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا، وردهم ردا جميلا فانصرفوا عنه (?) .
مضى الرسول صلى الله عليه وسلم في طريقه، يظهر دين الله ويدعو إليه، بينما ظل بعض كبار أصحابه كأبي بكر وسعيد بن زيد وعثمان على سريتهم وكتمانهم، زيادة في الحيطة، أما حمزة وأبو عبيدة وعمر- فيما بعد- فقد راحوا يجهرون (?) . واشتد العداء بين محمد والوثنية عمقا، وامتلأت صدور المشركين حقدا عليه وهم يرونه يعلن حربه التي لا هوادة فيها ضد قيمهم وآلهتهم، وراحوا يكثرون الحديث في