قوم فساء صباح المنذرين» (?) .
كانت خطة الرسول صلى الله عليه وسلم في الاستيلاء على حصون اليهود المنيعة في خيبر تتلخص بمشاغلة بعضها بقوات صغيرة، وتركيز الهجوم على حصن واحد بقواته الرئيسية حتى يتم له الاستيلاء على الحصن ثم ينتقل بهجومه المركز إلى حصن آخر، كما أنه قسم قواته إلى أقسام بالنسبة إلى قبائلها وبطونها، وجعل لكل قسم قائدا حتى يشتد التنافس بين القوات ولكي يقوم بعضها بالمشاغلة بينما يأخذ الباقي قسطا من الراحة ليستأنف القتال مرتاحا عند الحاجة. إن هذه الخطة تتفق مع أحدث الخطط العسكرية الحديثة في قتال المدن والأحراش، ولو أنه قام بالقتال بأسلوب الكر والفر أو بأسلوب الصفوف في مثل هذا الموقف لما كتب للمسلمين النصر (?) .
وبدأ الهجوم، وراحت حصون خيبر الممتدة في المنطقة على شكل سلاسل والمنقسمة إلى ثلاث مناطق هي: النطاة والشق والكتيبة (?) يدافع عنها زهاء عشرة آلاف مقاتل (?) تسقط بأيدي المسلمين حصنا بعد حصن، وكان أو؟؟ لها سلاسل حصون ناعم والقموص، وراح عدد من المدافعين يتسللون هاربين من حصونهم، واتصل بعضهم بالرسول صلى الله عليه وسلم ودلّه على نقاط الضعف في مواقع اليهود. ومن أجل أن يعجل الرسول صلى الله عليه وسلم بكسب المعركة حضّ أصحابه على الجهاد وأخبرهم أن اليهود قد أسلمها حلفاؤها وهربوا، وإنها قد تجادلت واختلفت فيما بينها فزاد من ثقة المسلمين بالنصر. وكان آخر الحصون مقاومة للمسلمين سلاسل الوطيح والسلالم وقلعة الزبير حيث عصى اليهود وظلوا يقاومون بضعا وعشرين ليلة جرت خلالها مبارزات فردية بين فرسان الفريقين وهجمات عديدة قادها كبار الصحابة وسقط فيها ما يقرب من مائة قتيل يهودي وخمسة عشر مسلما، حتى إذا أيقن المدافعون بالهلكة سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجليهم عن المنطقة وأن يحقن دماءهم فأجابهم إلى طلبهم، فلما نزلوا إليه عرضوا عليه أن يبقيهم في أرضهم لقاء أن يدفعوا للمسلمين نصف حاصلاتهم فوافق الرسول صلى الله عليه وسلم على العرض تقديرا