للهجرة وأمن- بموجبه- جانبها، ووجد الفرصة سانحة لتوجيه نشاطه صوب الشمال حيث يقبع الخطر اليهودي الذي لا يكف عن التامر والعدوان متمثلا يخيبر والمواقع المجاورة، وما لبث صلى الله عليه وسلم بعد أسابيع من عودته إلى المدينة أن انطلق (مطلع السنة السابعة) ، صوب خيبر على رأس حملة استنفر لها الراغبين في الجهاد فحسب دون الغنائم. ذلك أن يهود خيبر كانوا أقوى الطوائف اليهودية بأسا وأعظمها دربة على القتال، ولذلك وقفت شبه الجزيرة كلها متطلعة إلى هذه الغزوة. وكان كثيرون يتوقعون أن تدور الدائرة على المسلمين (?) ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدرك أنه لو فشل أمام خيبر فسيتغير ميزان القوى من جديد وربما حدثت نكسة أعادت لأعدائه قوتهم وحماستهم لقتاله، وحالت دون إتمام الوحدة التي يعمل لها النبي ويسعى إليها، لذلك كان يريد جيشا مؤمنا بأهدافه مقدرا للظروف.. يريد سيوفا تحركها قوة النفس لا جشعها، وكان جيش محمد كما أراده، قليلا بعدده كثيرا بإيمان رجاله وثبات نفوسهم وتصميمهم على الوصول لأهدافهم (?) . ويذكر المقريزي أن عدد المسلمين الذين توجهوا إلى خيبر كانوا ألفا وأربعمائة مقاتل يصحبهم مائتا فرس (?) ، ربما اعتمادا على عددهم يوم الحديبية القريب، كما أسهم في الخروج عدد من النسوة، خرجن ليداوين الجرحى وينسجن الملابس ويهيئن الطعام.

جعل الرسول صلى الله عليه وسلم هدفه أول الأمر السيطرة على الطريق الواصل بين خيبر وغطفان ليحول بين هؤلاء وبين أن يمدوا حلفاءهم في خيبر. وكان بنو غطفان، لدى سماعهم بتوجه الرسول إلى خيبر، قد خرجوا ليساندوا اليهود ضده لقاء نصف ثمار خيبر لذلك العام، فاضطرهم الرسول صلى الله عليه وسلم للعودة إلى ديارهم بعد أن أوهمهم أن هجومه متجه إليهم، ومن ثم انفرد بخيبر وباغتها فجرا حيث كان أهلوها ورجالها قد خرجوا إلى مزارعهم بمساحيهم ومكاتلهم، فلما رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم يقود جيش المسلمين تمالكهم الخوف ونادوا «محمد والخميس» وهربوا لائذين بحصونهم، وهيؤوا أنفسهم لحصار طويل، فنادى الرسول صلى الله عليه وسلم ملقيا مزيدا من الرعب في قلوبهم: «الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015