هيبة المسلمين في قلوب البطون العربية التي لم تكن قد دخلت في الإسلام، وانفسح المجال أمام النبي صلى الله عليه وسلم لنشر دعوته (?) .
ولم يمض على ذلك كبير وقت حتى سدد الرسول صلى الله عليه وسلم لليهود ضربة أخرى بقتل كعب بن الأشرف، أحد كبار زعمائهم، في ربيع الأول من السنة الثالثة للهجرة. وكان كعب قد صعّد نشاطه ضد الإسلام في اللحظة التي قدم فيها إلى المدينة مبعوثا الرسول صلى الله عليه وسلم من معركة بدر، زيد بن حارثة وعبد الله ابن رواحة، لإعلان بشرى انتصار المسلمين في لقائهم الحاسم مع المشركين.
فقال كعب: ويلكم أحق هذا؟ أترون أن محمدا قتل هؤلاء الذين يسمي هذان الرجلان وهؤلاء أشراف العرب وملوك الناس؟ والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير لنا من ظهرها.. هؤلاء سراة الناس قد قتلوا وأسروا، فما عندكم؟ قالوا: عداوته ما حيينا. قال: وما أنتم وقد وطىء قومه وأصابهم، ولكني أخرج إلى قريش فأحضهم وأبكي قتلاهم فلعلهم ينتدبون فأخرج معهم. وبعد أن تيقن من صحة الخبر غادر كعب المدينة متوجها إلى مكة ونزل هناك على أحد زعمائها، وراح يحرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم وينشد الأشعار في هجائه ويبكي أصحاب القليب من قادة قريش الذين صرعوا في بدر، وقفل عائدا إلى المدينة لكي ينشد قصيدة يشبب فيها بامرأة مسلمة تدعى أم الفضل بنت الحارث:
إحدى بني عامر جنّ الفؤاد بها ... ولو تشاء شفت كعبا من السقم
لم أر شمسا بليل قبلها طلعت ... حتى تجلت لنا في ليلة الظلم!!
وتحول من أم الفضل إلى نساء مسلمات أخريات مشببا بهن حتى آذاهن.
وعند ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه: من لي من ابن الأشرف؟ فقال رجل من الأنصار يدعى محمد بن مسلمة: أنا لك به يا رسول الله، أنا أقتله. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: فافعل إن قدرت على ذلك!!
توجه محمد بن مسلمة إلى دار ابن الأشرف، في بني النضير، يصحبه أربعة من رفاقه. وعندما اقتربوا من داره بعثوا إليه أحدهم، أبا نائلة، فجاءه فتحدث معه ساعة، وتناشدا شعرا، ثم قال أبو نائلة: ويحك يا ابن الأشرف! إني قد جئتك