بيت إبراهيم وإسماعيل (?) ، فأنكر اليهود ذلك وأدركوا مدى خطورته، إذ أنه بادرة لتوحيد العرب وتجميعهم حول الدين الجديد، وفرض مزيد من العزلة على اليهود، لذلك أنكروا هذا وحاولوا فتنة النبي مرة أخرى بقولهم: إنهم يتبعونه إن هو رجع إلى قبلته الأولى (?) . ويوما بعد يوم اشتد النفور بين الطرفين، وكثرت بينهم المخاصمات، وبدت الكراهية والبغضاء، حتى نزل القرآن ينهى عن الاختلاط باليهود واتخاذ بطانة للمسلمين منهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ. ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (?) .
ورغم هذه المواقف العدائية العامة التي صدرت عن الأكثرية الساحقة من اليهود فإننا نجد ثمة آيات تضمنت استثناء لبعضهم وتنويها بسلامة مواقفهم واعتدالهم ومنها ما تضمن إشارة إلى إيمانهم وإخلاصهم، مما يدل- من جهة- على أن فئة من اليهود- وفيها فريق من العلماء- قد استطاعوا أن يفلتوا من المؤثرات العنصرية والاقتصادية والنفسية والأنانية التي خضع لها اليهود، فلم يسعهم إلا أن يصدقوا بالنبي ويؤمنوا بالتنزيل ... ومن جهة أخرى على أن الدعوة النبوية قد قوبلت باستجابة حرة لا إكراه فيها من بعض اليهود في العهد المدني، بل عن إقبال قد يؤدي إلى أذى المقبلين كما كان في العهد المكي.. وعلى أن مواقف الكيد والتامر إنما كانت لأسباب لا تمت إلى الحق والإنصاف، بل إلى هوى الأحبار والزعماء وأغراضهم. وهذا وذاك يدعم ما قلناه من أنه لم تكن هناك أية فكرة مضادة لليهود منذ البدء كعنصر ولليهودية كدين (?) . ولقد قامت علاقة طيبة بين المهاجرين وبعض اليهود حتى ليغشون مجالسهم ويذهبون إلى بيوت