لبيع ما معهم من البر.. وكان عملاء بني أسد من الغساسنة يقيمون بوسط مكة، أي بالقرب من الكعبة، ولكن أكثر أولئك النصارى كانوا يقيمون بالضواحي (?) .
ولا ريب أن إيراد قصة ولادة يحيى وعيسى وإنكار ألوهية عيسى مما يوحي بأن أكثر المخاطبين من أهل الكتاب كانوا نصارى، ثم أن خبر انهزام الروم والبشرى بفوزهم مما يدل على ذلك أيضا.. وتلهم الآيات القرآنية أن النبي قد اتصل بهؤلاء النصارى ودعاهم إلى التصديق برسالته، وإن كان منهم من كان ذا سعة في المال يمكنه من الإنفاق في سبيل الخير، وأن منهم من كان قوي الشخصية والنفس بحيث لا يبالي بلوم المشركين، وأن منهم من كان متميزا بثقافته الدينية بحيث كان أهلا للرجوع إليه والاستشهاد به في أمر الرسالة (?) .
وكان القرآن الكريم منذ الوقت المبكر من العهد المكي يؤكد- وظل على ذلك في مختلف أدوار التنزيل- على وحدة المصدر الذي صدر عنه القرآن والكتب السماوية ووحدة الأهداف والمبادىء التي تضمنها القرآن وتلك الكتب، وتأييد القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء السابقين والكتب السابقة، والتنويه بهم، واستشهد، وظل يستشهد، بأهل الكتاب على صحة رسالته النبوية والتنزيل القرآني بأسلوب يلهم استعدادهم للشهادة الإيجابية، والثقة بهم والاعتماد عليهم فيها، كما يلهم طبيعة وتوقع استجابتهم للدعوة الإسلامية واندماجهم فيها ونصرها وتأييدها (?) .
ولم يخف محمد عطفه على النصارى، والقرآن مملوء بالشواهد على