[2]

الكتاب في مكة بناء على ما وجدوه فيه من صفات مطابقة لما كان بين أيديهم من أسفار، ومن المحال أن يكون ذلك جزافا. وهنالك إنجيل متداول ومنسوب إلى حواري اسمه برنابا فيه نصوص متفقة مع نصوص القرآن عن عيسى وحياته وشخصيته ورسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصفاته (?) . وصدق الله العظيم الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (?) ، وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (?) .

ورغم هذه البينات كلها فإن الغالبية العظمى من حملة الإنجيل (شكّوا) ..

ليس هذا فحسب بل تحول شكهم إلى استنكار وسخرية ومعارضة ومقاومة ومجابهة، ثم إلى قتال مسلح حينا وتامر خفيّ أحيانا.. وكانت تلتمع بين الحين والحين أضواء تنير الطريق لرجالات النصرانية: رهبانا وقادة وحكاما إلى قلب الإسلام الرحيب المنفتح على كل دين جاء من عند الله، وقرآنه المصدق لما بين يديه من الكتاب، ونبيّه الممجّد لإخوانه الأنبياء الذين سبقوه كدحا على الدرب الطويل المنبثق عن المصدر الواحد والذاهب إلى المصير الواحد.

[2]

ويحدثنا (درمنغم) كيف أن مكة كانت تضم عددا كبيرا من نصارى من مختلف الأصول حيث كانت لهم مقبرة فيها.. وكان أناس من نصارى الحبشة قد جاؤوا إلى مكة ليحيوا النبي الجديد الذي أعرب عن عطفه على دينهم فدمغ باطل المشركين بالحجج البالغة التي يقره عليها أهل الكتاب.. وكان يصادف في عكاظ وفي الأسواق الآخرى أناسا من عرب نجران والحيرة.. وكان- كما أشار القرآن- يرى في الأسواق التي يقصدها نصارى آخرين من بلاد أخرى ولا سيما من الشام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015