ما لبثت الدعوة الإسلامية أن أخذت تنتشر بسرعة في تلك الأصقاع. وشهدت السنة العاشرة إسلام عدد من الأبناء الفرس هناك وتوج ذلك بإسلام باذان حاكم اليمن الفارسي حيث أرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم كتابا يعلمه فيه بإسلامه (?) .
وعندما أشرف العام التاسع للهجرة على نهايته وحان موعد الحج وجد الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه مضطرا للبقاء في المدينة كي يتفرغ للوفود القادمة إليها دونما انقطاع، وأناب عنه لإمامة المسلمين في حجهم ذاك أبا بكر الصديق رضي الله عنه. وما أن غادر أبو بكر المدينة في طريقه إلى البيت الحرام حتى نزلت آيات (براءة) من سورة (التوبة) تلك التي تعلن تصفية الوجود الوثني من شبه جزيرة العرب ومنح أتباعه وقتا كافيا للتفكير في الخروج من حضيض الجاهلية الذي ظلوا يتمرغون فيه مئات السنين، وها قد آن الأوان لكي يؤوبوا إلى الحق ويلتزموا الطريق المستقيم، وإلا فإن الدين الجديد سوف لن يمنحهم فرصة أخرى بعد ما صبر عليهم وقتا طويلا بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ. وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ (?) .
وسرعان ما حمّل الرسول صلى الله عليه وسلم عليا بن أبي طالب هذه الآيات والتعليمات المرفقة بها وأمره أن ينطلق بها إلى الكعبة لكي يتلوها على جموع الحجاج هناك وفيهم الكثير من الذين لا يزالون على شركهم وجاهليتهم ... وبينما تولى أبو بكر إمارة الحج راح علي يتلو على الناس تعليمات الرسول صلى الله عليه وسلم وآيات براءة في يوم الأضحى: لا يقربن المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا، ولا يطوفن بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فله عهده إلى مدته، ومن لم يكن له عهد فمدته أربعة أشهر.. وإن الله لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما..» (?) .