عودته، قبل أن يصل المدينة، وأعلن إسلامه، وقفل عائدا إلى الطائف يدعو قومه إلى الإسلام متحصنا بمنزلته فيهم ومحبتهم وطاعتهم له، إلا أن حميتهم الجاهلية أنستهم ذلك كله فرموه بالنبل من كل وجه وأصابه أحدها فخرّ صريعا، وعندما سئل، وهو يتضرج بدمائه: ما ترى في دمك؟ أجاب: كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إلي، فليس فيّ إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يرتحل عنكم، فادفنوني معهم. ومرت الشهور على مصرع عروة، وبدأت ثقيف تدرك ألا طاقة لها بحرب من حولها من القبائل العربية التي بايعت وأسلمت، فاتفق زعماؤها على أن يرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يكلمه، ووقع اختيارهم على عبد ياليل بن عمرو بن عمير، أحد أشراف الطائف، إلا أنه تخوّف أن يصنعوا به، بعد عودته، ما صنعوا بعروة، وطلب منهم أن يرسلوا برفقته رجالا من شتى عشائر ثقيف، فأجابوه واختاروا له خمسة رجال اتجه بهم إلى المدينة (?) .

لقيهم المغيرة بن شعبة في أطراف المدينة فهرع ليبشر الرسول صلى الله عليه وسلم بقدومهم عليه، فلما رآه أبو بكر وعرف النبأ رجاه ألا يسبقه إلى الرسول، حتى يكون الصدّيق أول من يحدثه بالنبأ، ففعل المغيرة. وعندما التقوا بالرسول صلى الله عليه وسلم وبدؤوا حديثهم معه سألوه أن يدع لهم اللات لا يهدمها ثلاث سنين، فأبى رسول الله عليهم ذلك فما برحوا يسألونه، سنة سنة، ويأبى عليهم، حتى تنازلوا إلى التماس إبقائها شهرا واحدا، والرسول يأبى أن يدعها يوما واحدا.. وكان غرضهم من ذلك أن يسلموا- بعد عودتهم- من سخط سفهائهم ونسائهم وصبيانهم، وألا يروّعوا قومهم بهدمها، حتى ينتشر الإسلام بينهم، فسألوه أن يعفيهم من تحطيم أصنامهم بأيديهم فأجابهم إلى ذلك وأرسل معهم أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة ليهدماها. وبعد أن أعلنوا إسلامهم، كتب لهم الرسول صلى الله عليه وسلم كتابا وأمّر عليهم عثمان بن أبي العاص رغم حداثة سنه، لكونه أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن (?) .

عاد الوفد إلى الطائف يصحبه المغيرة وأبو سفيان، وتوجه المغيرة فور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015