عام الوفود وتصفية الوجود الوثني

كان سقوط مكة زعيمة الشرك بأيدي الفاتحين، وهزيمة التحالف الوثني الأخير في حنين، آخر ضربتين حاسمتين للوجود الوثني في جزيرة العرب، انهار بعدها جدار الكفر وانطلقت حركة الإسلام بخفة وسرعة، حيث أزيلت العوائق، إلى كل مكان. وأدركت القبائل العربية التي ظلت على وثنيتها ألّا مناص لها من تحديد موقفها من الإسلام ودولته المتفردة بالحكم والسلطان في الجزيرة كلها، وأن عنادها وتشبثها بمواقفها السابقة فقد مبرراته بدخول مكة في الإسلام، وانتماء هوازن، أكبر القبائل الوثنية، للدين الجديد. فراحت هذه القبائل تتسابق في إرسال وفودها إلى المدينة، قاعدة الإسلام، مبايعة على الإسلام أو مصالحة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ولكثرة هذه الوفود التي انهالت على المدينة في العام التالي لفتح مكة ومطلع الذي يليه، سماه المؤرخون (عام الوفود) ، وكان في طليعتها وفد ثقيف الذي قدم إلى المدينة في شهر رمضان في أعقاب عودة الرسول من غزوة تبوك. قال ابن إسحاق: «وإنما كانت العرب تربّص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش، كانوا إمام الناس وهاديهم وأهل البيت والحرم، وصريح ولد إسماعيل، وقادة العرب، لا ينكرون ذلك. وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافه فلما افتتحت مكة ودانت له قريش، ودوّخها الإسلام، عرفت العرب أنه لا طاقة بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عداوته، فدخلوا في دين الله عزّ وجلّ أفواجا يضربون إليه من كل وجه» (?) .

وكان عروة بن مسعود، أحد زعماء ثقيف، قد أدرك الرسول صلى الله عليه وسلم في طريق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015