وصوله إلى اللات وراح يعمل فيها ضربا بمعوله، وقومه يحمونه خشية أن يرمى أو يصاب كما أصيب عروة بن مسعود. وخرجت نساء بني ثقيف حاسرات يبكين ويندبن إلههنّ وهو يتهاوى إلى الأرض قطعا من الحجارة الصماء. وما لبث المغيرة أن أتمّ مهمته، ومحا من الطائف ذلك المركز المهم الثالث في شمال الجزيرة، رمزها الوثني الذي حجبها عن الالتحاق بالدعوة الجديدة ردحا طويلا (?) . وغدا الطائفيون من أشد الجماعات إخلاصا للدعوة حتى أن المغيرة قال عنهم: «لا أعلم قوما من العرب ولا قبيلة كانوا أصحّ إسلاما ولا أبعد أن يوجد فيهم غش لله ولكتابه منهم» (?) .. وهكذا جاء البذار الذي زرعه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل عام واحد عند أسوار الطائف، بثماره الحلوة!!

كان الوفد الثاني الذي قدم المدينة، بني تميم، وكان يترأسه عطارد بن حاجب في عدد كبير من رجالات تميم وأشرافها. وعندما وصلوا المسجد ظهرا، نادوا رسول الله من وراء حجراته: أن أخرج إلينا يا محمد! فخرج إليهم الرسول وهو غير مرتاح لأسلوبهم البدوي الخشن في ندائه، وقام زعيمهم فألقى كلمة عدّد فيها ماثر بني تميم وفضلهم في الناس. فأمر الرسول خطيبه ثابت بن قيس الخزرجي أن يرد على الرجل. فقام قيس خطيبا في المجتمعين، فبدأ كلامه بمحمد الله والثناء عليه ثم تطرق إلى نبوة الرسول وفضله وختم خطابه قائلا: « ...

واستجاب لله حين دعاهم رسول الله، نحن، فنحن أنصار الله ووزراء رسوله، نقاتل الناس حتى يؤمنوا بالله، فمن آمن بالله ورسوله منع منا ماله ودمه ومن كفر جاهدناه في الله أبدا، وكان قتله علينا يسيرا ... » ، وأعقبه الزبرقان بن بدر شاعر تميم بقصيدة أكبر فيها مكانة تميم بين العرب، فأمر الرسول شاعره حسان بن ثابت أن يرد على الرجل، فأجابه بقصيدة أخرى. ولما انتهى الطرفان من إلقاء خطبهم وقصائدهم أعلن وفد بني تميم الإسلام، فمنحهم الرسول الجوائز والعطايا (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015