طريقهم لمجابهة التجمع الوثني، ولم يكن الصبح قد اتضح بعد، وكان المشركون قد سبقوهم إلى الوادي فكمنوا لهم في شعابه ومضايقه، وتهيؤوا للانقضاض على المسلمين في جو يسوده المطر والضباب. وما أن دخلت قوات المسلمين الوادي حتى انقض عليهم أعداؤهم دفعة واحدة، من حيث لم يكونوا يتوقعون، فأصابهم الفزع والاضطراب وكرّوا راجعين لا يلوي أحد على أحد (?) !!
انحاز الرسول صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ونادى: (أيها الناس هلموا إليّ، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله) ، ثم تقدم بحربته أمام المقاتلين، وكان يقف إلى جانبه صامدا عشرات من المهاجرين والأنصار فيهم علي وأبو بكر وأسامة وعمر ...
وقال للعباس ذي الصوت الجهوري «يا عباس اصرخ: يا معشر الأنصار، يا معشر أصحاب السمرة» وسرعان ما انطلقت النداآت من بعيد (لبيك لبيك) ، وكان الرجل منهم إذا ما أراد ثني بعيره والانطلاق ثانية إلى قلب المعركة، لا يقدر على ذلك، لشدة التدافع والزحام وضغط المتراجعين، فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه، ويحمل سيفه وترسه، ويقتحم عن بعيره مخليا سبيلها، ومنطلقا صوب النداء.
حتى إذا اجتمع إلى الرسول مائة من المقاتلين، استقبلوا العدو واقتتلوا معه قتالا مريرا وقال الرسول وقد رأى أصحابه يجتلدون مع المشركين: الآن حمي الوطيس. وتمكن علي ورجل من الأنصار من قتل حامل راية هوازن. وبدأت الكفة ترجح لصالح المسلمين، وما لبث المشركون أن أخذوا بالتراجع صوب الوراء وانقض عليهم المسلمون يعملون فيهم قتلا وأسرا ... وما أن عاد إلى الميدان أولئك الذين تراجعوا إلى الخلف من المسلمين، حتى وجدوا أسارى المشركين مكتفين بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم (?) .
تراجع المشركون بقيادة مالك بن عوف صوب الطائف، وعسكر بعضهم في أوطاس، وتوجهت فئة ثالثة نحو نخلة، ولم يتح لهم الرسول صلى الله عليه وسلم فرصة يستردون فيها قواهم ويعيدون تنظيم أنفسهم، فأرسل قوة من فرسان المسلمين لمطاردة أولئك الذين توجهوا نحو نخلة، وقوة ثانية بقيادة أبي عامر الأشعري كلفت بقتال المشركين في أوطاس، فأصابوه بسهم أودى بحياته، فأخذ الراية ابن عمه أبو