العسكرية تتقدمها مطمئنة إلى حرمة الشهر، فأصابت غنائم عظيمة عادت بها إلى المدينة. ولكن هذا النقض للقانون الخلقي القبلي لم يلبث أن أثار عاصفة من الاستنكار في المدينة نفسها، فما كان من محمد إلا أن أنكر صنيع أتباعه، الذي تم وفقا لرغباته بلا خلاف، وعزاه إلى سوء فهم لأوامره. ولم يجرؤ على إعلان شرعية الحرب ضد المشركين، وتوزيع الغنائم حتى في الشهر الحرام، إلا في آيات متأخرة، بعد أن كانت الغنائم العظيمة قد أثارت مطامعه إثارة كافية» (?) .
«وتأثرت اتجاهات النبي الدينية، في الأيام الأولى من إقامته في المدينة، بالصلة التي كانت بينه وبين اليهود، وأغلب الظن أنه كان يرجو، عقب وصوله إلى المدينة، أن يدخل اليهود في دينه، وهكذا حاول أن يكسبهم عن طريق تكييف شعائر الإسلام بحيث تتفق وشعائرهم في بعض المناحي.. ولم يطل العهد بمحمد حتى شجر النزاع بينه وبين أحبار اليهود، فالواقع أنهم على الرغم مما تم لهم من علم هزيل في تلك البقعة النائية، كانوا يفوقون النبي الأمي في المعلومات الوضعية وفي حدة الإدراك. فالفجوات المختلفة التي تكشف عنها علمه بالعهد القديم والتي كان قد تركها عارية في السور المكية، لم يعد من الممكن أن تظل خافية عليهم. ولكن إشارتهم الساخرة إلى هذه الفجوات كانت أعجز من أن تزعزع إيمانه بصحّة ما يوحى إليه» (?) .
«وكان على محمد أن يعوّض خسارة (أحد) التي أصابت مجده العسكري، من طريق آخر، ففكر في القضاء على اليهود، فهاجم بني النضير لسبب واه» (?) .
«وفي سنة 628 (7 هـ) حاول النبي أن يعوض فشله الظاهري في الحديبية فقاد المسلمين في حملة على المستعمرة اليهودية الغنية في خيبر» (?) .