دوزي: «كان محمد يشاطر بني جلدته نظرتهم (القائمة على الاحتقار) إلى اليمنيين والزراع حتى ليؤثر عنه أنه سمع رجلا ينشد بيتا يشير فيه إلى أنه حميري وليس أسلافه من ربيعة ولا مضر، فقال له ما معناه: أفّ لك، إن هذا نسب يبعدك عن الله ورسوله. ويقال أيضا أنه رأى محراثا في بيت رجل من أهل المدينة، فذكر له أنه ما دخل دار قوم إلا دخلها الذل. إلا أنه لما يئس من حمل أهل جنسه من التجار والبدو على اعتناق مبادئه، ولما رأى أنه مهدد في حياته منذ أن مات عمه وحاميه أبو طالب، فقد اضطر لتناسي هذه النظرة وقبول كل مساعدة من أي جانب صدرت عنه. فرحب بوفود عرب المدينة الذين عطفوا عليه وأكرموه لما أنزل به المكيون من الاضطهاد والتنكيل» (?) .
«وطال أمد النضال بينهم وبين مشركي مكة حتى استغرق ثماني سنوات نشرت خلالها جيوش المسلمين الرعب في شتى بقاع شبه الجزيرة مما حمل كثيرا من القبائل على اعتناق الدين الجديد ... وانتهى الأمر أخيرا بفتح مكة، الذي يصوّر الذروة التي آلت إليها قوة محمد. ففي هذا اليوم تطلّع أهل المدينة للأخذ بثأرهم من هؤلاء التجار المتكبرين الساخرين بهم.. غير أن أحلامهم تلاشت إذ أمر الرسول قواده باصطناع الرأفة البالغة، وساعده المكيون- صامتين- في تحطيم أصنامهم المنصوبة في الكعبة.. تعبدها شتى القبائل التي اعترفت بمحمد رسولا لله، والغيظ يملأ قلبها، وكتمت في نفسها الانتقام إلى يوم تسنح لها فيه الفرصة من هؤلاء الأجلاف: يهود المدينة (!!) الذين دنسوا الشرف بغزوهم لبلدهم.
وبعد أن تم فتح مكة رأت القبائل الباقية على شركها عدم جدوى المقاومة واعتنقت الإسلام، تحت عامل الخوف من حرب مهلكة، إذ كان قواد محمد يدعون للدين حاملين القرآن في يد والسيف في أخرى» (?) .
فلهاوزن: «ولم يبق الإسلام على تسامحه- بعد بدر- بل شرع في الأخذ بسياسة الإرهاب في داخل المدينة، وكانت إثارة مشكلة المنافقين علامة على ذلك التحول.. أما اليهود فقد حاول أن يظهرهم بمظهر المعتدين الناكثين للعهد. وفي غضون سنوات قليلة أخرج كل الجماعات اليهودية، أو قضى عليها في الواحات المحيطة بالمدينة حيث كانوا يكوّنون جماعات متماسكة كالقبائل العربية، وقد