ذات طابع شمولي ما كان للمستشرقين أن يغافلوا عن أبعادها!!
وكما كشف المستشرقون، بتعمقهم ونفاذهم وإحاطتهم، النقاب عن الكثير من الجوانب المضطربة الغامضة في تاريخنا الإسلامي عامة، بما فيه سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا أنهم- بأخطائهم المنهجية آنفة الذكر- طرحوا الكثير من النتائج والمعطيات الموضوعية الخاطئة، وهذا أمر طبيعي، فالخطأ لا ينتج إلّا الخطأ، والبعد عن الموضوعية، لا يقود إلا إلى نتائج لا تحمل من روح العلم والجدية إلا قليلا.
وليس هنا مجال عرض هذه المعطيات والنتائج، ومناقشتها، فلهذا مجال آخر كما سبق وأن ذكرنا ... إلّا أننا نطرح فيما يلي نماذج محدودة فحسب من حصاد ضخم يمكن أن يجنيه كل دارس بتأن ورويّة، لما كتبوه عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو حصاد يحمل في ثناياه عناصر تناقضه واضطرابه وخروجه عن البحث المنهجي الدقيق.
يقول بروكلمان: «في هذه الأثناء كان مسلمو مكة، على ما تقول الروايات، يعانون أزمة جديدة. ذلك أن حديث محمد عن إسرائه العجيب، برفقة جبريل إلى بيت المقدس، ومن ثم إلى السماء، كان قد أوقع موجة من الشك في نفوس بعض المؤمنين، ولكن أبا بكر ضرب بإيمانه الراسخ مثلا طيبا لهؤلاء المتشككين فزايلتهم الريب والظنون. ومن الجائز أن تكون هذه الرحلة السماوية التي كثيرا ما أشير إليها بعد في الأساطير الغريبة التي خلفتها لنا الكتب الإسلامية جميعها، أقدم من ذلك عهدا، ولعلها ترجع إلى الأيام الأولى للبعثة النبوية. وأمثال هذه الرؤى في أثناء تهجّد العرّاف معروفة ثابتة لدى بعض الشعوب البدائية» (?) .
«وقد حالت الظروف بين الرسول وبين الشروع في شن حملة نظامية مباشرة على المشركين. فقد كانت فكرة الشرف العربية القديمة تمسك المهاجرين عن محاربة إخوانهم من قريش في حين كان المدنيون غير شديدي الميل إلى تعكير صفو السلم مع جيرانهم الأقوياء.. حتى إذا كان شهر رجب الحرام وجه جماعة من الغزاة بأوامر سرّية، فوفقت إلى مباغتة قافلة بالعروض، كانت حاميتها