بي رحما، وإني قد جئت في حاجة فلا أرجعنّ كما جئت خائبا، فاشفع لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجابه علي: ويحك يا أبا سفيان والله لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه. ولم يكن هذا الأمر سوى الإعداد الحاسم لاستئصال رأس الوثنية واكتساحها. وعاد أبو سفيان خائبا لكي يخبر قريشا بفشل مسعاه (?) .

حرص الرسول صلى الله عليه وسلم خلال التجهز على كتمان الأمر حتى عن أقرب أصحابه إليه من أجل أن يفاجىء مكة بهجومه الحاسم فلا تستطيع مقاومة ودفاعا فتذعن للأمر وتحقن الدماء، حتى أن زوجته عائشة عندما سألها أبوها أين ترينه يريد؟

أجابت: لا والله ما أدري! وما أن تمّ الإعداد والتجهز حتى انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه صوب مكة وأمرهم بالجد والهيؤ. وقد روى الواقدي أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة «ولا يعلم أحد وجهته وقائل يقول يريد قريشا وقائل يقول هوازن وآخر يقول يريد ثقيفا ... ولم يعقد الألوية ولم ينشر الرايات حتى بلغ (كديد) » .

وعندما سأله أحد أصحابه في الطريق: يا رسول الله والله ما أرى آلة الحرب ولا تهيئة الإحرام، فأين تتوجه يا رسول الله؟ أجاب الرسول صلى الله عليه وسلم حيث شاء الله (?) .

وفي مكان آخر يقول الواقدي إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ بالأنقاب (أي سد طرق المدينة) وعمى عليهم الأخبار فكان عمر بن الخطاب يطوف على الأنقاب قيّما بهم فيقول: لا تدعوا أحدا يمر بكم تنكرونه إلا رددتموه إلا من سلك إلى مكة فإنه يتحفظ به ويسأل عنه (?) . وعندما ألح عليه أبو بكر بسؤاله: أين تريد يا رسول الله؟ أجابه الرسول: قريشا واخف ذلك يا أبا بكر (?) . ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم (اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها) . واستجاب الله لدعاء رسوله وأعلمه وحيه الأمين أن محاولة لأخبار قريش بتحرك الرسول صلى الله عليه وسلم قام بها أحد المسلمين (حاطب بن أبي بلتعة) حيث كتب إلى قريش بهدف الرسول صلى الله عليه وسلم كتابا حمّله امرأة أخفته في طيات شعرها وانطلقت صوب مكة، فأدركها علي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015