والزبير في منتصف الطريق وأخذا الكتاب منها وقفلا عائدين ليسلماه إلى الرسول.
فدعا الرسول حاطبا وسأله: ما حملك على هذا؟ فأجاب: أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيّرت ولا بدّلت، ولكني كنت أمرأ ليس لي في القوم من أهل ولا عشيرة وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليه. فقال عمر: يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق. فقال الرسول: وما يدريك يا عمر لعل الله اطلع إلى أصحاب بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم؟ إن ماضي حاطب في الجهاد في سبيل الدعوة وإسهامه مع رفاقه في مقاومة الوثنية في أوج عنفوانها يحجب عنه الآن الزلة الكبيرة التي ساقته قدماه إليها، والماضي الكبير يحجب الخطأ الكبير ما دام الإيمان لم ينقلب بعد إلى كفر صريح ... ونزلت كلمات الله لكي تحدد للمسلمين، انطلاقا من هذه المناسبة العابرة، موقفا دائما عليهم ألاينحرفوا عنه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ... (?) .
انطلق الرسول صلى الله عليه وسلم في العاشر من رمضان مستخلفا على المدينة أبا رهم الغفاري ومستنفرا كل قادر على القتال من المسلمين، وعندما بلغ مر الظهران عسكر هناك في عشرة آلاف من المسلمين من بني سليم وبني غفار وبني مزينة وتميم وقيس وأسد التي دعاها لموافاته في المدينة، ولم يتخلف من المهاجرين والأنصار أحد. ولم تكن قريش، وقد عميت الأخبار عنها، تعرف حتى ذلك الحين شيئا عما يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم هل يريد قريشا أم هوازن أم ثقيف (?) ؟ ويذكر الواقدي أن المسلمين عسكروا بمر الظهران ولم يبلغ قريشا حرف واحد من مسير رسول الله إليهم، فقد اغتموا وهم يخافون أن يغزوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (?) . وكان العباس عم الرسول قد التحق بمعسكر المسلمين وجعل هدفه أن تقتنع قريش بعدم جدوى المقاومة وأن يجيء زعماؤها فيستأمنوا الرسول قبل وقوع المحذور، فخرج يبحث عن رجل يذهب إلى مكة ليخبر أهلها بمكان معسكر المسلمين لكي يجيئوا فيعتذروا ويستأمنوا، وإذا به يسمع عن قرب أبا سفيان وهو يقول لبديل بن