ويأخذ بتلابيبه قائلا للرسول: إن شروط الصلح قد أبرمت قبل وصول أبي جندل فأجابه الرسول: صدقت ... وراح أبو جندل يصرخ بأعلى صوته: ... يا معشر المسلمين أأردّ إلى المشركين يفتنوني في ديني؟ فما كان جواب الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن قال: يا أبا جندل اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا ... إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله.. وإنا لا نغدر بهم.. ووثب عمر وراح يمشي إلى جوار أبي جندل ويقول: اصبر يا أبا جندل فإنهم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب!! وعندما تمّ إملاء الكتاب شهد على الصلح أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن سهيل بن عمرو وسعد ابن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وعن الجانب المشرك مكرز بن حفص وحويطب بن عبد العزى (?) .

لم يرتح المسلمون لأحداث الصلح ونتائجه سيما وأنهم جاؤوا يحملون أملا بدخول مكة والطواف في البيت العتيق في أعقاب رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم، وها هم يعودون من حيث جاؤوا دون أن يتحقق أملهم، هذا فضلا عما في بنود الصلح نفسها وصيغته من أمور رأوا فيها تنازلا للمشركين. هذا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستشر أصحابه على غير ما ألفوا منه في هذا الاتفاق المقترح مع أنه في شؤون الحرب والسلم التي سلفت كان يرجع إليهم.. وربما نزل على رأيهم وهو له كاره.. لكنه اليوم ينفرد بالعمل ويقرّ ما يكرهون على عير ضرورة ملجئة (?) . ثم جاءت قضية تسليم أبي جندل لأعدائهم إثارة جديدة لأعصابهم المرهقة وحنقهم الذي عبر عنه (عمر) صراحة.

من أجل ذلك كله [دخل عليهم أمر عظيم حتى كادوا يهلكون] وعندما أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بنحر الهدي وحلق رؤوسهم إيذانا بالعودة للمدينة.. لم يستجيبوا له لأول مرة في حياتهم.. فما كان من الرسول صلى الله عليه وسلم بعد استشارة زوجته أم سلمة إلا أن يخرج عليهم فينحر ويحلق رأسه، فلما رأى أصحابه ذلك راحوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015