الطريق إلى المدينة فقال زعماؤها: والله إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها، وقرروا أن يضربوا الحصار على المسلمين ويسعون بين الحين والحين إلى أن يجدوا ثغرة في دفاعهم يتسربون منها للداخل.. وظل المسلمون مفتحي الأعين حذرين إزاء أية محاولة يمكن أن تمنح المشركين جسرا يعبرون عليه إليهم فتكون الطامة الكبرى. وطالت أيام الحصار تخللها رمي بالنبال دون أن يحدث اشتباك حاسم بين المعسكرين، ورأت مجموعة من فرسان قريش أن تقوم بهجوم سريع علها تنفذ إلى الداخل.. فتقدم عمرو بن عبد ود العامري وعكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطاب وهبيرة بن أبي وهب، بعد أن أوعزوا إلى أصحابهم بالتهيؤ للقتال واختاروا مكانا ضيقا من الخندق، فضربوا خيلهم فاقتحمته وسرعان ما تصدى لهم الزبير وعلي وعمر رضي الله عنهم في نفر من المسلمين، تمكنوا من إجلاء الخيول المغيرة بعد أن قتل علي رضي الله عنه قائدها عمرو بن عبد ود (?) .

كما جرت محاولات عديدة للتسلل إلى داخل المدينة من أماكن أخرى ولقد تمكنت كتيبة قرشية شديدة المراس من التوغل في معسكر المسلمين إلا أنهم تصدوا لها واشتبكوا معها في قتال استغرق معظم النهار وجزآ من الليل واضطروها أخيرا إلى الانسحاب.. وحاولت قوة من الفرسان بقيادة خالد بن الوليد أكثر من مرة أن تنتهز غرة من المسلمين لإيجاد موضع قدم في الداخل، إلا أن المسلمين كانوا يردونها بالحجارة والنبال على أعقابها، هذا بينما ظلت طلائع الأحزاب تتجول ليلا باحثة عن منفذ تنساب منه إلى قلب المدينة لتطويق المسلمين من الخلف ولكن دون جدوى (?) .. وكل الضحايا الذين سقطوا خلال أيام الحصار لا يجاوزون العشرة من الطرفين (?) .

لم يكن حصار المشركين وحده هو الذي يضيق الخناق على المسلمين بل كان هنالك من الداخل ما يزيدهم إرهاقا وخوفا وعناء.. الأقوات القليلة المتناقصة يوما بعد يوم، وشبح الجوع الذي لا يرحم (?) ، والبرد القارص في ليالي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015