إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي ... وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي

وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع

وقد خيّروني الكفر والموت دونه ... وقد هملت عيناي من غير مجزع

فو الله ما أرجو إذا مت مسلما ... على أي جنب كان في الله مصرعي (?)

وفي صفر في نفس العام، قدم أبو براء عامر بن مالك، الملقب بملاعب الأسنة، على رسول الله في المدينة، فعرض عليه الرسول الإسلام، ودعاه إليه، فلم يسلم، ولم يبعد من الإسلام، وقال: يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك، إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك، رجوت أن يستجيبوا لك. وعندما أعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم، إنه يخشى عليهم أهل نجد، بعد أن أصيب أصحابه في ماء الرجيع، قال: أنا جار لهم فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك (?) . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرف يقينا أن انتصار دعوته وانتشارها لا يتحقق بغير تضحيات، وأن الانسياق وراء الحيطة والحذر في ميدان التضحية والفداء لا يقود إلى النصر، وأن عليه أن يختار في هذه اللحظات القلقة، الطريق الصعب كي لا تقول العرب إن الرسول قد عجز عن الاستمرار في الطريق حتى النهاية، أخافته مقاتل أصحابه، هذا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يبعث أصحابه هذه المرة لكي ينتحروا، فهم الآن أكثر عددا، وفي جوار رجل وضعهم في جواره، ولم يعرف عن العرب، حتى تلك اللحظة، إنهم خرقوا قدسية الجوار، ولا علم للرسول صلى الله عليه وسلم بالغيب، فلينطلق أصحابه على بركة الله.

سار الدعاة الأربعون بقيادة المنذر بن عمرو، حتى نزلوا بئر معونة قريبا من ديار بني عامر، وتقدم حرام بن ملحان، بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زعيم القوم، عامر بن الطفيل، لكن عامرا ما أن نظر في الكتاب حتى عدا على حرام فضربه برمح في جنبه خرج من الشق الآخر، وهو ينادي: فزت ورب الكعبة! ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015