الآن، فانصرف أبو سفيان ومن معه وهو ينادي: إن موعدكم بدر للعام القابل، فقال صلى الله عليه وسلم لعمر قل: نعم هو بيننا وبينكم موعد (?) !! وتوقف القتال، وقد خسر المسلمون بضعة وسبعين قتيلا، وقيل خمسة وستين، أما المشركون فلم يزد عدد قتلاهم على ثلاثة وعشرين رجلا (?) . ولم تغب عن ذهنه صلى الله عليه وسلم وهو يعاني التعب والسهر والجراح، أن المشركين ربما فكروا بهجوم حاسم على المدينة فقطعوا الطريق على المسلمين في أحد وعرضوهم لمصير أشد حلكة وخطرا من المعركة نفسها، فطلب من علي رضي الله عنه أن يخرج في أعقاب القوم فينظر ماذا يصنعون، وما يريدون، فإن كانوا قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة، وأقسم الرسول صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم ثم لأناجزنهم فيها) ، لكن عليا ما لبث أن عاد، ليخبره بأن المشركين امتطوا الإبل ويمموا وجوههم شطر مكة (?) .

ومن أجل مزيد من ضمان عدم عودة المشركين لمهاجمة المدينة، انتدب صلى الله عليه وسلم سبعين رجلا من أصحابه لمتابعة المشركين والتأكد من عدم اعتزامهم الرجوع (?) .

لقد أجمع المؤرخون على اعتبار نتيجة أحد نصرا للمشركين على المسلمين، لكن الحقائق العسكرية لا تتفق مع ما أجمع عليه هؤلاء. لقد كان بإمكان المشركين القضاء على قوات المسلمين في معركة أحد، بعد أن استطاعوا إحاطتهم من كافة الجوانب، بقوات متفوقة عليهم تفوقا ساحقا، ومع ذلك استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يشق طريقه بين القوات المحيطة به ويخلص تسعة أعشار قواته من فناء أكيد.

إن فشل المشركين في القضاء على قوات المسلمين بعد أن أحاطوهم بقواتهم المتفوقة يعتبر اندحارا لهم، وإن نجاح المسلمين في الخروج من تطويق المشركين والتخلص منه بخسائر عشرة بالمائة بقواتهم القليلة يعتبر نصرا لهم.

وبالإضافة إلى نجاح المسلمين في التخلص من الفناء التام في أحد فقد نجحوا في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015