جرحه بعصابة كانت قد أعدتها لمداواة الجرحى ثم قالت له انهض يا بني فضارب القوم، والرسول صلى الله عليه وسلم يناديها: ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟ ويلتفت إلى أصحابه قائلا: ما التفت يمينا وشمالا إلا وأنا أراها تقاتل دوني، فسألته نسيبة:

ادع الله أن نرافقك في الجنة قال: اللهم اجعلهم رفاقي في الجنة. فقالت: ما أبالي ما أصابني من الدنيا (?) . وخرجت السميراء بنت قيس، وقد أصيب ابناها، فلما نعيا لها قالت: ما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرا، وهو بحمد الله على ما تحبين. قالت: أرونيه أنظر إليه، فأشاروا لها إليه فقالت: كل مصيبة بعدك يا رسول الله جلل (?) . ولقيت أم أيمن جماعة من المنهزمين، فجعلت تنثر التراب في وجوههم وتقول: هاك المغزل فاغزل به (?) .

تمكن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الصمود لهجمات المشركين وعرف المسلمون الذين تشتتوا في ميدان المعركة، في أعقاب التفاف خالد، وانتشار شائعة وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، عرفوا أن رسولهم لم يمت فتجمعوا حوله، وطلب صلى الله عليه وسلم منهم أن يتراجعوا صوب جبل أحد وأن يحصبوا المشركين بالحجارة، وأن لا يسمحوا لهم بأن يلتفوا عليهم من فوقهم. وسعت فرقة من القرشيين إلى الالتفاف حول المسلمين كرة أخرى والانقضاض عليهم من جبل أحد فتصدى لهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجماعة من المهاجرين حتى أجلوهم عن الجبل، ونهض صلى الله عليه وسلم إلى صخرة أحد ليعلوها فلم يستطع لشدة إعيائه وثقل دروعه فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض حتى استوى عليها. وأدرك المشركون أن دون إبادة المسلمين وتفتيتهم المستحيل وكانوا قد أصابهم التعب والجراح فاثروا الانسحاب مكتفين بهذا القدر من النصر على المسلمين وهو قدر كما اعتقدوا ليس بالقليل، وأشرف أبو سفيان على مرتفع عال ونادى بأعل صوته: إن الحرب سجال، يوم بيوم بدر أعل هبل! فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر: قم فأجبه وقل: الله أعلى وأجلّ، لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. فطلب أبو سفيان من عمر أن يقترب وقال له: أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمدا؟ قال عمر: اللهم لا، وإنه ليسمع كلامك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015