أن يطرح قتلى المشركين في قليب قريب.. وسمعه أصحابه في جوف الليل وهو يقول: (يا أهل القليب، يا عتبة بن ربيعة ويا شيبة بن ربيعة ويا أميّة بن خلف ويا أبا جهل هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربي حقا) ؟

فسأله أصحابه: يا رسول الله أتنادي قوما قد جيّفوا؟ قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني (?) . بعت الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة وزيد بن الحارثة إلى المدينة ليبشروا أهلها بانتصار المسلمين، وأقبل في أعقابهما بعد تسعة عشر يوما من غيابه عنا مستصحبا معه أسرى المشركين بعد أن قسّم الغنائم على المسلمين على السواء. وعند الروحاء قريبا من المدينة لقيه المسلمون الذين لم يخرجوا للقتال يهنئونه بما فتح الله عليه ومن معه من المسلمين،.. وما أن وصل المدينة حتى فرّق الأسارى بين أصحابه وقال: استوصوا بالأسارى خيرا، وما لبثت قريش أن بعثت في فداء أسراهم، ففودي كل أسير بين الألف والأربعة آلاف درهم ومن لم يكن منهم يملك شيئا منّ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم (?) .

[أسباب انتصار المسلمين في معركة بدر الكبرى]

ثمة أسباب عديدة تمخضت عن انتصار القلة على الكثرة في معركة بدر الحاسمة، ولا بأس هنا أن نلخص أهم هذه الأسباب التي عرضها (خطّاب) في كتابه (الرسول القائد) لأنها يمكن أن تعد الأسباب النموذجية التي تفسر لنا الكثير من الانتصارات التي حققها المسلمون ضد أعدائهم الذين يفوقونهم عددا وعدة، ليس في عصر الرسول فقط بل فيما تلاه من عصور وأول هذه الأسباب:

القيادة الموحدة:

كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو القائد العام للمسلمين في معركة بدر، وكان المسلمون يعملون كيد واحدة تحت قيادته يوجههم في الوقت الحاسم للقيام بعمل حاسم، وهذا هو واجب القائد الكفء. وكان ضبط المسلمين في تنفيذ أوامر قائدهم مثالا رائعا للضبط الحقيقي المتين، وإذا كان الضبط أساس الجنديّة، وإذا كان الجيش الممتاز هو الذي يتحلى بضبط ممتاز، فقد كان جيش المسلمين جيشا ممتازا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، وأن معنى الضبط هو إطاعة الأوامر وتنفيذها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015