بحرص وأمانة وعن طيبة خاطر، وقد فعل المسلمون ذلك لأن قائدهم يتحلى بصفات القائد المثالي.. ضبطا للأعصاب في الشدائد، شجاعة نادرة في المواقف، مساواة لنفسه مع أصحابه، استشارة في كل عمل حاسم. أما المشركون فلم يكن لهم قائد عام، كان أكثر سراة قريش مع قوات المشركين ولكن البارزين من هؤلاء على ما يظهر رجلان هما عتبة بن ربيعة وأبو جهل، ولم يكونا على رأي واحد وليس لهم هدف موحد، لذلك طغت الأنانية الفردية على المصلحة الموحدة أثناء القتال.
طبّق الرسول صلى الله عليه وسلم في (مسير الاقتراب) من المدينة إلى بدر تشكيلة لا تختلف بتاتا عن التعبئة الحديثة في حرب الصحراء، كان لهم مقدمة وقسم أكبر ومؤخرة، واستفاد من دوريّات الاستطلاع للحصول على المعلومات، وتلك هي الأساليب الصحيحة لتشكيلات مسير الاقتراب في حرب الصحراء حتى في العصر الحاضر. أما في المعركة فقد قاتل المسلمون بأسلوب الصفوف بينما قاتل المشركون بأسلوب الكر والفر وهو أسلوب قديم لا يلائم الأوضاع المستجدة.
رأينا كيف كان جواب المهاجرين والأنصار للرسول حين استشارهم في قتال قريش، فقد كان للمسلمين أهداف معينة يعرفونها ويؤمنون بها هي أن تترك الحرية الكاملة لهم لبث دعوتهم حتى تكون كلمة الله العليا، فما هي أهداف قريش من حربها إلا أن تنحر الجزور وتطعم الطعام وتشرب الخمر وتعزف القيان فتسمع العرب بمسيرها فيهابونها أبدا بعدها؟ وهل نستطيع تسمية ذلك أهدافا أم أن ذلك طيش وغرور وعصبية جاهلية؟
شجع الرسول أصحابه قبل القتال وأثناءه وقوّى معنوياتهم حتى لا يكترثوا بتفوق قريش عليهم عددا، ولم تكن معنويات الذين مارسوا الحرب وعرفوها من المسلمين عالية فحسب إنما كانت معنويات الأحداث الصغار الذين لم يمارسوا حربا ولا قتالا عالية أيضا ... لقد أثبتت كافة الحروب في كافة أدوار التاريخ أن