اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر إلّا أدخله الله الجنة) فقال عمير ابن الحمام وفي يده تمرات يأكلهن: بخ بخ، أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء؟ ثم قذف التمرات من يده وأخذ سيفه وقاتل القوم حتى قتل (?) .

وراح الرسول صلى الله عليه وسلم يجالد المشركين بنفسه ويتقدم الصفوف حتى أن عليا رضي الله عنه قال فيما بعد: لما أن كان يوم بدر وحضر البأس التقينا برسول الله وكان أشد الناس بأسا وما كان منا أحد أقرب إلى العدو منه (?) ، ثم ما لبث أن أخذ حفنة من الحصباء واستقبل قريشا بها وصاح: شاهت الوجوه، وضربها بوجوههم ونادى أصحابه: شدوا، فحمل المسلمون حملة صادقة تسوقهم إلى أعدائهم موجة من الإيمان العارم ورغبة عميقة في الاستشهاد، وراحوا يحصدون صناديد قريش ويأسرون أبطالها.. وحمل معاذ بن عمرو بن الجموح على أبي جهل وقد لجأ إلى مجموعة كثيفة من الأشجار يحيط به عدد من أتباعه فضربه فقطع ساقه.

ويتحدث معاذ عما تبع ذلك فيقول «ضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي وأجهضني القتال عنه، فلقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي فلما آذتني جعلت عليها رجلي ثم تمطيت بها حتى طرحتها. ثم مرّ بأبي جهل وهو جريح معوّذ فضربه حتى أصابه بجرح لم يستطع معه حراكا وظل معوّذ يقاتل حتى قتل. ومرّ عبد الله بن مسعود بأبي جهل وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة فوضع رجله على عنقه وقال: هل أخزاك الله يا عدو الله؟ فأجاب أبو جهل: لقد ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعبا! فاحتزّ عبد الله رأسه (?) . وما لبثت الهزيمة أن حاقت بالمشركين الذين فرّوا من ساحة القتال لا يلوون على شيء مخلفين وراءهم ما يربو على سبعين قتيلا ومثلهم أسرى (?) . أما خسائر المسلمين فقد بلغت أربعة عشر شهيدا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، والتمس الرسول صلى الله عليه وسلم رأس أبي جهل فجاء بها عبد الله بن مسعود فحمد الله ثم أمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015