لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى.. فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (?) ، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون، فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى (برك الغماد) (مدينة في الحبشة) لجالدنا معك من دونها حتى تبلغها» . وبهذا عبّر المهاجرون على لسان قادتهم عن رغباتهم العميقة في القتال دون الدعوة، وإطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رأى وجوب أخذ رأي الأنصار بعد ذلك سيما وأنهم في بيعتهم له في العقبة لم يلتزموا بقتال خارج مدينتهم، فسألهم الرسول صلى الله عليه وسلم: أشيروا علي أيها الناس! فقام سعد بن معاذ فقال: «قد آمنا بك وصدّقناك وشهدنا إنما جئت به هو الحق. فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف عنك رجل واحد، فسر على بركة الله» . فسرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لأصحابه: سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم (?) . وتقدم بأصحابه حتى إذا جاء أدنى ماء من بدر نزل به، فسأله الحباب بن المنذر: يا رسول الله أرأيت هذا المنزل؟ أمنزلا أنزلك الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه؟ أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة، فقال الحباب: يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغوّر ما وراءه ثم نبني عليها حوضا فنملؤه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: لقد أشرت بالرأي، ثم أمر بتنفيذ خطته. وعرض عليه سعد بن معاذ أن يقام له عريش يتولى منه قيادة المعركة، فنفذ الرسول رأيه. وما لبثت السماء أن أمطرت مطرا خفيفا فلبدت أرض الصحراء بما يتيح للمسلمين الحركة السريعة فوقها، وراح الرسول يدعو الله: اللهم هذي قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذي وعدتني. وعند ما حلّ الفجر صلّى بالمسلمين وراح ينظمهم صفوفا ويحرضهم على القتال (?) .

ما لبث الرسول أن أرسل عمّار بن ياسر وابن مسعود رضي الله عنهما فأطافا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015