سفيان التي كانوا يظنون أنها لا زالت في المنطقة، وانطلق هو وأصحابه في أعقابهما (?) وما لبث الرسول صلى الله عليه وسلم أن عسكر بأصحابه قريبا من ماء بدر، وعندما حلّ المساء بعث ثلاثة من رجاله المعتمدين هم الزبير بن العوام وعلي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص على رأس جماعة من المسلمين ليستطلعوا جلية الأخبار ويعرفوا شيئا عن مصير القافلة، فاستطاعوا إلقاء القبض على اثنين من سقاة قريش جاؤوا بهما إلى الرسول صلى الله عليه وسلم معتقدين أنهما من أتباع أبي سفيان، إلا أنهما أكدا انتماءهما للجيش القرشي الذي يعسكر الآن قريبا من المسلمين تحجبهم التلال والكثبان عنهم، فقال الرسول: أخبراني عن قريش. قالوا: هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى. فقال لهم: كم القوم؟ قالا: لا ندري. قال:

كم تنحرون كل يوم؟ قالا: يوما تسعا ويوما عشرا، فقال صلى الله عليه وسلم: القوم بين التسعمائة والألف، ثم سألهما: فمن فيها من أشراف قريش؟ فطفقا يستعرضان عددا من قادة قريش فيهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف وسهيل بن عمرو وعمرو بن عبد ود وغيرهم، وحينذاك أقبل الرسول صلى الله عليه وسلم على أصحابه وقال:

هذه مكة ألقت إليكم أفلاذ كبدها (?) ، وقد أدرك الرسول صلى الله عليه وسلم أنه رغم ضياع الهدف القريب المتمثل بقافلة أبي سفيان فإن عليه أن يقود أصحابه إلى هدف أبعد: أن تظل كلمتهم تتردد في جنبات الصحراء، وألايتراجع وجودهم العسكري الذي بنته السرايا السابقة صوب المدينة فتكون الهزيمة بعينها في نظر العرب جميعا. ورغم قلة السلاح ونقص الاستعداد فإن الرسول كان يجد أنه لا مناص من التوغل في الصحراء لتحقيق هذا الهدف البعيد وكأنه، بإحساسه الصادق العميق، كان يرى الهدف الذي خرجت قريش من أجله والذي تجاوز منطق الدفاع عن مصالحها التجارية المتمثلة بحماية قافلة أبي سفيان إلى تحدي المسلمين. فإن لم يتصدّ لها الإسلام في أوّل تحد حاسم فإن نكسة خطيرة ستصيب الدعوة والدولة الإسلامية على السواء.

استشار الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه وأذاع عليهم تفاصيل ما ورده من أنباء عن قريش فقام أبو بكر الصديق فقام وأحسن، وقام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: «يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك والله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015