وقد بدأت الأسباب الواقعية التاريخية التي قادت إلى المعركة الحاسمة تتجمع إلى بعضها منذ اللحظة التي أبلغ فيها الرسول صلى الله عليه وسلم أن قافلة كبيرة لقريش تضم ألف بعير قادمة من الشام صوب مكة يقودها أبو سفيان في ثلاثين أو أربعين تاجرا مكيا (?) ، وبمبادرة لا تردد فيها قال لأصحابه: (هذه عير قريش، فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها) (?) .
ونظرا إلى أن نداء الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن أمرا ملزما بل كان ندبا، ونظرا إلى أن أحدا لم يكن يتوقع أن لقاء مسلحا حاسما سيتمخض عن التحدي الجديد هذا، فقد خرج بعض المسلمين بقيادة رسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم لمهاجمة القافلة، وتخلّف بعضهم الآخر، كما أن هؤلاء خرجوا ولم يأخذوا أهبتهم الكاملة من السلاح والتأهب.. (?) وما أن سمع أبو سفيان بنبأ تحرك المسلمين لمجابهة قافلته حتى أرسل إلى مكة على جناح السرعة ضمضم بن عمرو الغفاري وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم ويخبرهم أن محمدا قد تعرّض لها في الطريق..
وما إن وصل ضمضم إلى مكة حتى جدع بعيره، وحوّل رحله، وشق قميصه وراح يصرخ: يا معشر قريش!! اللطيمة اللطيمة!! أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها، الغوث الغوث!! وسرعان ما استجاب الناس لندائه وهرعوا إلى الكعبة وهم يقولون: أيظن محمد وأصحابه أن